للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى ذَلِكَ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْهُ مَا رَوْثُهُ طَاهِرٌ وَجِسْمُهُ طَاهِرٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ، كَالْخَيْلِ وَالْبَقَرِ

وَمِنْهُ مَا رَوْثُهُ نَجِسٌ وَيُخْتَلَفُ فِي نَجَاسَةِ جِسْمِهِ، كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، فَرُبَّمَا نَجِسَ بِهِ الْمُسْتَقِي أَوْ دَلْوُهُ، فَيَتَنَجَّسُ الْمَاءُ بِهِ، فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِذَلِكَ، فَتَجِبُ مَعْرِفَتُهُ.

[فَصْلٌ اكْتَرَى حَيَوَانًا لِعَمَلِ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ]

(٤٢٧٤) فَصْلٌ: وَإِذَا اكْتَرَى حَيَوَانًا لِعَمَلٍ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ، مِثْلُ أَنْ اكْتَرَى الْبَقَرَ لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا، أَوْ اكْتَرَى الْإِبِلَ وَالْحُمُرَ لِلْحَرْثِ، جَازَ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الْحَيَوَانِ، لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهَا، فَجَازَ، كَاَلَّذِي خُلِقَتْ لَهُ، وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْمِلْكِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِكُلِّ مَا تَصْلُحُ لَهُ الْعَيْنُ الْمَمْلُوكَةُ، وَيُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ مِنْهَا، وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ إلَّا بِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ، إمَّا وُرُودُ نَصٍّ بِتَحْرِيمِهِ، أَوْ قِيَاسٍ صَحِيحٍ، أَوْ رُجْحَانِ مَضَرَّتِهِ عَلَى مَنْفَعَتِهِ، وَلَيْسَ هَاهُنَا وَاحِدٌ مِنْهَا، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ الْأَكْرَادِ وَغَيْرِهِمْ يَحْمِلُونَ عَلَى الْبَقَرِ وَيَرْكَبُونَهَا

وَفِي بَعْض الْبُلْدَانِ يَحْرُثُونَ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، فَيَكُونُ مَعْنَى خَلْقِهَا لِلْحَرْثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنَّ مُعْظَمَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِيهِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي شَيْءٍ آخَرَ، كَمَا أَنَّ الْخَيْلَ خُلِقَتْ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ، وَيُبَاحُ أَكْلُهَا، وَاللُّؤْلُؤُ خُلِقَ لِلْحِلْيَةِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَدْوِيَةِ وَغَيْرِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة الْأَجِير عَلَى ضَرْبَيْنِ خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ]

(٤٢٧٥) مَسْأَلَةٌ وَقَالَ: (وَمَا حَدَثَ فِي السِّلْعَةِ مِنْ يَدِ الصَّانِعِ، ضُمِنَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَاصٌّ، وَمُشْتَرَكٌ، فَالْخَاصُّ: هُوَ الَّذِي يَقَعُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرُ نَفْعَهُ فِي جَمِيعِهَا، كَرَجُلٍ اُسْتُؤْجِرَ لَخِدْمَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فِي بِنَاءٍ أَوْ خِيَاطَةٍ، أَوْ رِعَايَةٍ، يَوْمًا أَوْ شَهْرًا، سُمِّيَ خَاصًّا لِاخْتِصَاصِ الْمُسْتَأْجِرِ بِنَفْعِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ. وَالْمُشْتَرَكُ: الَّذِي يَقَعُ الْعَقْدُ مَعَهُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ، كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وَبِنَاءِ حَائِطٍ، وَحَمْلِ شَيْءٍ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى عَمَلٍ فِي مُدَّةٍ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ نَفْعِهِ فِيهَا، كَالْكَحَّالِ، وَالطَّبِيبِ، سُمِّيَ مُشْتَرَكًا لِأَنَّهُ يَتَقَبَّلُ أَعْمَالًا لِاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَكْثَرَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ

وَيَعْمَلُ لَهُمْ، فَيَشْتَرِكُونَ فِي مَنْفَعَتِهِ وَاسْتِحْقَاقِهَا، فَسُمِّيَ مُشْتَرَكًا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي مَنْفَعَتِهِ. فَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ الصَّانِعُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا جَنَتْ يَدُهُ، فَالْحَائِكُ إذَا أَفْسَدَ حِيَاكَتَهُ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَ.

نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. وَالْقَصَّارُ ضَامِنٌ لِمَا يَتَخَرَّقُ مِنْ دَقِّهِ أَوْ مَدِّهِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ بَسْطِهِ. وَالطَّبَّاخُ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَ مِنْ طَبِيخِهِ. وَالْخَبَّازُ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَ مِنْ خُبْزِهِ، وَالْحَمَّالُ يَضْمَنُ مَا يَسْقُطُ مِنْ حِمْلِهِ عَنْ رَأْسِهِ، أَوْ تَلِفَ مِنْ عَثْرَتِهِ. وَالْجَمَّالُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِقَوْدِهِ، وَسَوْقِهِ، وَانْقِطَاعِ حَبْلِهِ الَّذِي يَشُدُّ بِهِ حِمْلَهُ

وَالْمَلَّاحُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ يَدِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>