للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ]

(٤٣٢٧) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ، فَقَالَ: أَجَرْتُكهَا سَنَةً بِدِينَارٍ. قَالَ: بَلْ سَنَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا أَنْكَرَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةٍ. قَالَ: بَلْ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ.

وَإِنْ قَالَ: أَجَرْتُكهَا سَنَةً بِدِينَارٍ. قَالَ: بَلْ سَنَتَيْنِ بِدِينَارٍ. فَهَاهُنَا قَدْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْعِوَضِ وَالْمُدَّةِ جَمِيعًا، فَيَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الِاتِّفَاقُ مِنْهُمَا عَلَى مُدَّةٍ بِعِوَضٍ، فَصَارَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِوَضِ مَعَ اتِّفَاقِ الْمُدَّةِ.

وَإِنْ قَالَ الْمَالِكُ: أَجَرْتُكَهَا سَنَةً بِدِينَارٍ. فَقَالَ السَّاكِنُ: بَلْ اسْتَأْجَرْتَنِي عَلَى حِفْظِهَا بِدِينَارٍ. فَقَالَ أَحْمَدُ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلسَّاكِنِ بَيِّنَةٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ سُكْنَى الدَّارِ قَدْ وُجِدَ مِنْ السَّاكِنِ، وَاسْتِيفَاءُ مَنْفَعَتِهَا وَهِيَ مِلْكُ صَاحِبِهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي مِلْكِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِئْجَارِ السَّاكِنِ فِي الْحِفْظِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَنْفِيه.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ]

(٤٣٢٨) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّعَدِّي فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الضَّمَانِ.

وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ أَبَقَ مِنْ يَدِهِ، وَأَنَّ الدَّابَّةَ شَرَدَتْ أَوْ نَفَقَتْ، وَأَنْكَرَ الْمُؤْجِرُ، فَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا انْتَفَعَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ. وَالثَّانِيَةُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤْجِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ. فَأَمَّا إنْ ادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ مَرِضَ فِي يَدِهِ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ جَاءَ بِهِ صَحِيحًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْعَبْدُ أَوْ خَالَفَهُ

نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَإِنْ جَاءَ بِهِ مَرِيضًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ بِهِ صَحِيحًا فَقَدْ ادَّعَى مَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ، وَلَيْسَ مَعَهُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَاءَ بِهِ مَرِيضًا، فَقَدْ وُجِدَ مَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ يَقِينًا، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي مُدَّةِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَى إبَاقَهُ فِي حَالِ إبَاقِهِ، أَوْ جَاءَ بِهِ غَيْرَ آبِقٍ. وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إبَاقِ الْعَبْدِ، دُونَ مَرَضِهِ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي تَفْوِيتِ مَنْفَعَتِهِ، فَكَانَا سَوَاءً فِي دَعْوَى ذَلِكَ. وَإِنْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ، فَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ هَلَاكِهَا، أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ، أَوْ مَرِضَ فَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمَلِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ حَصَلَ فِي يَدِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>