للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهَا الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ. وَحَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا بَعْدَ الطُّهْرِ وَالِاغْتِسَالِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا كُنَّا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ حَيْضًا. مَعَ قَوْلِهَا الْمُتَقَدِّمِ، الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

(٤٧٦) فَصْلٌ: وَحُكْمُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ حُكْمُ الدَّمِ الْعَبِيطِ فِي أَنَّهَا فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ، وَتَجْلِسُ مِنْهَا الْمُبْتَدَأَةُ كَمَا تَجْلِسُ مِنْ غَيْرِهَا. وَإِنْ رَأَتْهَا فِيمَا بَعْدَ الْعَادَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَأَتْ غَيْرَهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِنْ طَهُرَتْ ثُمَّ رَأَتْ كُدْرَةً أَوْ صُفْرَةً، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا؛ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ وَعَائِشَةَ، وَقَدْ رَوَى النَّجَّادُ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: كُنَّا فِي حِجْرِهَا مَعَ بَنَاتِ بِنْتِهَا، فَكَانَتْ إحْدَانَا تَطْهُرُ ثُمَّ تُصَلِّي، ثُمَّ تُنَكِّسُ بِالصُّفْرَةِ الْيَسِيرَةِ، فَنَسْأَلُهَا، فَتَقُولُ: اعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ حَتَّى لَا تَرَيْنَ إلَّا الْبَيَاضَ خَالِصًا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَقَوْلُ عَائِشَةَ وَأُمِّ عَطِيَّةَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَسْمَاءَ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَى هَذَا أَنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ قَبْلَ التَّكْرَارِ، وَقَوْلُ أَسْمَاءَ فِيمَا إذَا تَكَرَّرَ، فَجَمَعَ بَيْنَ الْأَخْبَارِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ يَسْتَمْتِعُ مِنْ الْحَائِضِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ]

مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَسْتَمْتِعُ مِنْ الْحَائِضِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ مِنْ الْحَائِضِ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَدُونَ الرُّكْبَةِ جَائِزٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَالْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ مُحَرَّمٌ بِهِمَا. وَاخْتُلِفَ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَهُمَا؛ فَذَهَبَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى إبَاحَتِهِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَنَحْوَهُ قَالَ الْحَكَمُ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَضَعَ عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا مَا لَمْ يَدْخُلْهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُبَاحُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ: فَوْقَ الْإِزَارِ»

وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] ، وَالْمَحِيضُ: اسْمٌ لِمَكَانِ الْحَيْضِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>