للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَطَؤُهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، وَتَأْتِي بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يُرَى الْقَافَةَ مَعَهُمَا، فَبِأَيِّهِمَا أَلْحَقُوهُ لَحِقَ. وَالْخِلَافُ فِيهِ كَالْخِلَافِ فِي اللَّقِيطِ.

[فَصْلٌ ادَّعَى رِقَّ اللَّقِيطِ مُدَّعٍ]

(٤٥٨٦) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَى رِقَّ اللَّقِيطِ مُدَّعٍ، سُمِعَتْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ الدَّارِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى تُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَيُفَارِقُ دَعْوَى النَّسَبِ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ دَعْوَى النَّسَبِ لَا تُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَدَعْوَى الرِّقِّ مُخَالِفَةٌ لَهُ. وَالثَّانِي، أَنْ دَعْوَى النَّسَبِ نُثْبِتُ بِهَا حَقًّا لِلَّقِيطِ، وَدَعْوَى الرِّقِّ تُثْبِتُ حَقًّا عَلَيْهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ بِمُجَرَّدِهَا، كَمَا لَوْ ادَّعَى رِقَّ غَيْرِ اللَّقِيطِ. فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، سَقَطَتْ الدَّعْوَى. وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، لَمْ تَخْلُ إمَّا أَنْ تَشْهَدَ بِالْيَدِ أَوْ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْيَدِ، لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَإِنْ شَهِدَتْ بِالْوِلَادَةِ، قُبِلَ فِيهِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ رَجُلٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، ثُمَّ نَنْظُرُ؛ فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالْيَدِ، فَإِنْ كَانَتْ لِلْمُلْتَقِطِ، لَمْ يَثْبُتْ بِهَا مِلْكٌ؛ لِأَنَّنَا عَرَفْنَا سَبَبَ يَدِهِ، فَإِنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ، حُكِمَ لَهُ بِالْيَدِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْمِلْكِ، وَإِنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ، فَقَالَتْ: نَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مَمْلُوكُهُ. حُكِمَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ سَبَبَ الْمِلْكِ، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ. فَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ، حُكِمَ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَمَتَهُ لَا تَلِدُ فِي مِلْكِهِ إلَّا مُلْكَهُ. وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ ابْنُ أَمَتِهِ، أَوْ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ، وَلَمْ تَقُلْ: فِي مِلْكِهِ. احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْمِلْكُ بِذَلِكَ، كَقَوْلِهَا فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ أَمَتَهُ مِلْكُهُ، فَنَمَاؤُهَا مِلْكُهُ، كَسِمَنِهَا. وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَلِدَهُ قَبْلَ مِلْكِهِ لَهَا، فَلَا تَكُونُ لَهُ وَهُوَ ابْنُ أَمَتِهِ.

[فَصْلٌ ادَّعَى رِقَّ اللَّقِيطِ بَعْدَ بُلُوغِهِ]

(٤٥٨٧) فَصْلٌ: وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ اللَّقِيطِ بَعْدَ بُلُوغِهِ مُدَّعٍ، كُلِّفَ إجَابَتَهُ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي، لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، حُكِمَ لَهُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ قَدْ تَصَرَّفَ قِبَلِ ذَلِكَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ، نُقِضَتْ تَصَرُّفَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، فَأَقَرَّ بِالرِّقِّ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ اعْتَرَفَ لِنَفْسِهِ بِالْحُرِّيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ، لَمْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِي إبْطَالِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اعْتَرَفَ بِالْحُرِّيَّةِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يُقْبَلُ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ، أَقَرَّ بِالرِّقِّ، فَيُقْبَلُ، كَمَا لَوْ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِالرِّقِّ. وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ فَوَاتَ نَفْسِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحُرِّيَّةِ الْمَحْكُومِ بِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>