للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَفَتْ الْقَرَائِنُ، لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةً عِبَارَةٌ عَنْ وَلَدِ الصُّلْبِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ دَخَلُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] . قُلْنَا: إنَّمَا دَخَلُوا فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ ابْنٌ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ، وَدَخَلُوا مَعَ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا يَرِثُونَ مَا فَضَلَ عَنْ الْبَنَاتِ، عَلَى مَا ذُكِرَ تَفْصِيلُهُ فِي الْفَرَائِضِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ هَا هُنَا، فَانْتَفَى دُخُولُهُمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَدْخُلَ وَلَدُ الْبَنِينَ فِي الْوَصِيَّةِ، إذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تُخْرِجُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي اسْمِ الْوَلَدِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْإِرْثِ وَالْحَجْبِ وَغَيْرِهِ.

[فَصْلٌ وَصَّى لِوَلَدِ فُلَانٍ أَوْ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ قَبِيلَةٌ]

(٤٦٥٦) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لِوَلَدِ فُلَانٍ، أَوْ بَنِي فُلَانٍ، وَهُمْ قَبِيلَةٌ، كَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي تَمِيمٍ، دَخَلَ فِيهِمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَيَدْخُلُ وَلَدُ الرَّجُلِ مَعَهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ بَنَاتِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ ذَكَرِهَا وَأُنْثَاهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ٢٦] . {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠] . يُرِيدُ الْجَمِيعَ. وَقَالَ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} [الجاثية: ١٦] . وَرُوِيَ أَنَّ جَوَارِيَ مِنْ الْأَنْصَارِ قُلْنَ:

نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ ... يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ

وَيُقَال: امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَسِبُونَ إلَى الْقَبِيلَةِ.

[فَصْلٌ أَوْصَى لِأَخَوَاتِهِ خَاصَّةً]

(٤٦٥٧) فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى لِأَخَوَاتِهِ، فَهُوَ لِلْإِنَاثِ خَاصَّةً، وَإِنْ أَوْصَى لِإِخْوَتِهِ، دَخَلَ فِيهِ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً} [النساء: ١٧٦] . وَقَالَ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] . وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حَجْبِهَا بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَإِنْ قَالَ لِعُمُومَتِهِ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ الْإِخْوَةِ، يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُمْ إخْوَةُ أَبِيهِ. وَإِنْ قَالَ: لِبَنِي إخْوَتِهِ. أَوْ لِبَنِي عَمِّهِ. فَهُوَ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، إذَا لَمْ يَكُونُوا قَبِيلَةً. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِخْوَةَ وَالْعُمُومَةَ لَيْسَ لَهُمَا لَفْظٌ مَوْضُوعٌ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سِوَى هَذَا اللَّفْظِ، وَبَنُو الْإِخْوَةِ وَالْعَمِّ لَهُمْ لَفْظٌ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ وَهُوَ لَفْظُ الْأَوْلَادِ، فَإِذَا عَدَلَ عَنْ اللَّفْظِ الْعَامِّ إلَى لَفْظِ الْبَنِينَ، دَلَّ عَلَى إرَادَةِ الذُّكُورِ، وَلِأَنَّ لَفْظَ الْعُمُومَةِ أَشْبَهُ بِلَفْظِ الْإِخْوَةِ، وَلَفْظَ بَنِي الْإِخْوَةِ وَالْعَمِّ يُشْبِهُ بَنِي فُلَانٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>