للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي. وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ ثَبَتَ فِي الثُّلُثِ كَامِلًا، لِإِقْرَارِهِ بِهِ مُنْفَرِدًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ، وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: زُيُوفًا، أَوْ صِغَارًا، أَوْ إلَى شَهْرٍ

أَوْ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى مِمَّا أَقَرَّ بِهِ بِكَلَامٍ مُنْفَصِلٍ فِي الْمَجْلِس.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ مَا أَوْصَيْت بِهِ لِبِشْرِ فَهُوَ لِبَكْرِ]

(٤٦٨٢) مَسْأَلَةٌ؛ (وَإِنْ قَالَ: مَا أَوْصَيْت بِهِ لِبِشْرٍ فَهُوَ لِبَكْرٍ. كَانَتْ لِبَكْرٍ) هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ؛ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ بِذِكْرِهِ أَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ مَرْدُودٌ إلَى الثَّانِي، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: رَجَعْت عَنْ وَصِيَّتِي لِبِشْرٍ وَأَوْصَيْت بِهَا لِبَكْرٍ

بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَّى بِشَيْءٍ وَاحِدٍ لِرَجُلَيْنِ، أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَصَدَ التَّشْرِيكَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ ثَبَتَتْ وَصِيَّةُ الْأَوَّلِ يَقِينًا، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ.

[فَصْلٌ قَالَ مَا أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانِ فَنِصْفُهُ لِفُلَانِ أَوْ ثُلُثُهُ]

(٤٦٨٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: مَا أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ فَنِصْفُهُ لِفُلَانٍ، أَوْ ثُلُثُهُ. كَانَ رُجُوعًا فِي الْقَدْرِ الَّذِي وَصَّى بِهِ لِلثَّانِي خَاصَّةً، وَبَاقِيهِ لِلْأَوَّلِ.

[فَصْلٌ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ]

(٤٦٨٤) فَصْلٌ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي جَمِيعِ مَا أَوْصَى بِهِ، وَفِي بَعْضِهِ، إلَّا الْوَصِيَّةَ بِالْإِعْتَاقِ. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ أَيْضًا. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: يُغَيِّرُ الرَّجُلُ مَا شَاءَ مِنْ وَصِيَّتِهِ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالنَّخَعِيُّ: يُغَيِّرُ مِنْهَا مَا شَاءَ إلَّا الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ، كَالتَّدْبِيرِ

وَلَنَا، أَنَّهَا وَصِيَّةٌ، فَمَلَكَ الرُّجُوعَ عَنْهَا، كَغَيْرِ الْعِتْقِ، وَلِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ تُنْجَزُ بِالْمَوْتِ، فَجَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ تَنْجِيزِهَا، كَهِبَةِ مَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَفَارَقَ التَّدْبِيرَ، فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى شَرْطٍ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ، كَتَعْلِيقِهِ عَلَى صِفَةٍ فِي الْحَيَاةِ.

[فَصْلٌ يَحْصُل الرُّجُوع بِقَوْلِهِ رَجَعَتْ فِي وَصِيَّتِي أَوْ أَبْطَلَتْهَا أَوْ غَيْرَتهَا]

(٤٦٨٥) فَصْلٌ: وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِقَوْلِهِ: رَجَعْت فِي وَصِيَّتِي. أَوْ أَبْطَلْتهَا، أَوْ غَيَّرْتهَا. أَوْ مَا أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ. أَوْ فَهُوَ لِوَرَثَتِي. أَوْ فِي مِيرَاثِي. وَإِنْ أَكَلَهُ، أَوْ أَطْعَمَهُ، أَوْ أَتْلَفَهُ، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ كَانَ ثَوْبًا غَيْرَ مُفَصَّلٍ فَفَصَّلَهُ وَلَبِسَهُ، أَوْ جَارِيَةً فَأَحْبَلَهَا، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا، فَهُوَ رُجُوعٌ. قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>