للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ: حَالٌ تَرِثُ فِيهَا الثُّلُثَ بِشَرْطَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، عَدَمُ الْوَلَدِ، وَوَلَدِ الِابْنِ، مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. وَالثَّانِي، عَدَمُ الِابْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ أَيِّ الْجِهَاتِ كَانُوا، ذُكُورًا وَإِنَاثًا، أَوْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا، فَلَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ الثُّلُثُ. بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ.

الْحَالُ الثَّانِي، لَهَا السُّدُسُ، إذَا لَمْ يَجْتَمِعْ الشَّرْطَانِ، بَلْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ، أَوْ وَلَدُ ابْنٍ، أَوْ اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ. فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَحْجُبُ الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إلَّا ثَلَاثَةٌ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مُعَاذٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] . وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ. وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ الْأَخَوَانِ إخْوَةً فِي لِسَانِ قَوْمِكَ، فَلَمْ تَحْجُبُ بِهِمَا الْأُمَّ؟ فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا كَانَ قَبْلِي، وَمَضَى فِي الْبُلْدَانِ، وَتَوَارَثَ النَّاسُ بِهِ.

وَلَنَا، قَوْلُ عُثْمَانَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إجْمَاعٌ تَمَّ قَبْلَ مُخَالِفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلِأَنَّ كُلَّ حَجْبٍ تَعَلَّقَ بِعَدَدٍ كَانَ أَوَّلُهُ اثْنَيْنِ، كَحَجْبِ الْبَنَاتِ بَنَاتِ الِابْنِ، وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ، وَالْإِخْوَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي الِاثْنَيْنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] . وَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِي أَخٍ وَأُخْتٍ. وَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ يَجْعَلُ الِاثْنَيْنِ جَمْعًا حَقِيقَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ مَجَازًا، فَيَصْرِفُ إلَيْهِ بِالدَّلِيلِ.

وَلَا فَرْقَ فِي حَجْبِهَا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِخْوَةً} [النساء: ١٧٦] . وَهَذَا يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً} [النساء: ١٧٦] . فَفَسَّرَهُمْ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. الْحَالُ الثَّالِثُ، إذَا كَانَ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ، أَوْ امْرَأَةٌ وَأَبَوَانِ، فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي، بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَيْنِ. وَهَذِهِ يَأْتِي ذِكْرُهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةٌ لَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ إلَّا السُّدُسُ]

(٤٨٢٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ، أَوْ وَلَدِ الِابْنِ، إلَّا السُّدُسُ، فَإِنْ كُنَّ بَنَاتٍ كَانَ لَهُ مَا فَضَلَ. يَعْنِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَانَ لَهُ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَنْ يُفْرَضَ لَهُ السُّدُسُ، فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ؛ حَالٌ يَرِثُ فِيهَا بِالْفَرْضِ، وَهِيَ مَعَ الِابْنِ أَوْ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَمَنْ مَعَهُ. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] .

الْحَالُ الثَّانِيَةُ، يَرِثُ فِيهَا بِالتَّعْصِيبِ الْمُجَرَّدِ، وَهِيَ مَعَ غَيْرِ الْوَلَدِ، فَيَأْخُذُ الْمَالَ إنْ انْفَرَدَ. وَإِنْ كَانَ مَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>