للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ أَبِي مُوسَى نَحْوَهُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: «بَدَأَ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ، فَصَلَّى حِينَ كَانَ الرَّجُلُ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ، أَوْ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَعْرِفُ مَنْ إلَى جَنْبِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى الْفَجْرَ وَانْصَرَفَ، فَقُلْنَا: طَلَعَتْ الشَّمْسُ.»

وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ.

(٥١٥) فَصْلٌ: وَمَعْنَى زَوَالِ الشَّمْسِ مَيْلُهَا عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِطُولِ ظِلِّ الشَّخْصِ بَعْدَ تَنَاهِي قِصَرِهِ، فَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَلْيُقَدِّرْ ظِلَّ الشَّمْسِ، ثُمَّ يَصْبِرْ قَلِيلًا، ثُمَّ يُقَدِّرْهُ ثَانِيًا، فَإِنْ كَانَ دُونَ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَزُلْ، وَإِنْ زَادَ وَلَمْ يَنْقُصْ فَقَدْ زَالَتْ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِالْأَقْدَامِ، فَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشُّهُورِ وَالْبُلْدَانِ، فَكُلَّمَا طَالَ النَّهَارُ قَصُرَ الظِّلُّ، وَإِذَا قَصُرَ طَالَ الظِّلُّ، فَكُلُّ يَوْمٍ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ، فَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي وَسَطِ كُلِّ شَهْرٍ، عَلَى مَا حَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ السِّنْجِيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، تَقْرِيبًا، قَالَ: إنَّ الشَّمْسَ تَزُولُ فِي نِصْفِ حُزَيْرَانَ عَلَى قَدَمٍ وَثُلُثٍ، وَهُوَ أَقَلُّ مَا تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَفِي نِصْفِ تَمُّوز وَنِصْفِ أَيَّارَ عَلَى قَدَمٍ وَنِصْفٍ وَثُلُثٍ، وَفِي نِصْفِ آبَ وَنَيْسَان عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْدَامٍ، وَفِي نِصْفِ آذَار وَأَيْلُول عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْدَامٍ وَنِصْفٍ.

وَهُوَ وَقْتُ اسْتِوَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَفِي نِصْفِ تَشْرِينَ الْأَوَّلِ وَشُبَاطِ عَلَى سِتَّةِ أَقْدَامٍ وَنِصْفٍ، وَفِي نِصْفِ تَشْرِينَ الثَّانِي وَكَانُونَ الثَّانِي عَلَى تِسْعَةِ أَقْدَامٍ، وَفِي نِصْفِ كَانُونَ الْأَوَّل عَلَى عَشَرَةِ أَقْدَامٍ وَسُدْسٍ، وَهَذَا أَنْهَى مَا تَزُولَ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَهَذَا مَا تَزُولُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي أَقَالِيمِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمَا سَامَتَهُمَا مِنْ الْبُلْدَانِ، فَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَقِفْ عَلَى مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَعَلِّمْ الْمَوْضِعَ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ ظِلُّك، ثُمَّ ضَعْ قَدَمَك الْيُمْنَى بَيْنَ يَدَيْ قَدَمِك الْيُسْرَى، وَأَلْصِقْ عَقِبَك بِإِبْهَامِك، فَمَا بَلَغَتْ مِسَاحَةُ هَذَا الْقَدْرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ النَّقْصِ فَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَوَجَبَتْ بِهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ.

[فَصْل تَجِبُ صَلَاةُ الظُّهْرِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ]

(٥١٦) فَصْلٌ: وَتَجِبُ صَلَاةُ الظُّهْرِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الصَّلَوَاتِ تَجِبُ بِدُخُولِ وَقْتِهَا فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْأَعْذَارِ؛ كَالْحَائِضِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ، فَتَجِبُ فِي حَقِّهِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ أَدْرَكَهُ مِنْ وَقْتِهَا بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَجِبُ تَأْخِيرُ وَقْتِهَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ مَا لَا يَتَّسِعُ لِأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهَا وَتَرْكِهَا، فَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً كَالنَّافِلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>