للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْرٍو «وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الْعَصْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَآخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ

[مَسْأَلَة آخَر وَقْت الْعَصْرِ]

(٥٢٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَإِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ خَرَجَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ؛ فَرُوِيَ: حِينَ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ: «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ.» وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّ آخِرَهُ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ. وَهِيَ أَصَحُّ عَنْهُ حَكَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْأَثْرَمُ، قَالَ: سَمِعَتْهُ يُسْأَلُ عَنْ آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ؟ فَقَالَ: هُوَ تَغَيُّرُ الشَّمْسِ. قِيلَ: وَلَا تَقُولُ بِالْمِثْلِ وَالْمِثْلَيْنِ؟ قَالَ: لَا، هَذَا عِنْدِي أَكْثَرُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَنَحْوُهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ» وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ تُخَالِطْهَا صُفْرَةٌ» . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتهَا.

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمِثْلَيْنِ عِنْدَهُمْ اسْتِحْبَابٌ، وَلَعَلَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ يُوجَدُ أَحَدُهُمَا قَرِيبًا مِنْ الْآخَرِ.

(٥٢١) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِمَا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ، حَتَّى إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ، فَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، أَوْ عَلَى قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، قَامَ، فَنَقَرَ أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا» وَلَوْ أُبِيحَ تَأْخِيرُهَا لَمَا ذَمَّهُ عَلَيْهِ، وَجَعَلَهُ عَلَامَةَ النِّفَاقِ.

[مَسْأَلَة أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ]

(٥٢٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَهَا مَعَ الضَّرُورَةِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَهُوَ مُدْرِكٌ لَهَا، وَمُؤَدٍّ لَهَا فِي وَقْتِهَا، سَوَاءٌ أَخَّرَهَا لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ، إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُبَاحُ تَأْخِيرُهَا لِعُذْرٍ وَضَرُورَةٍ، كَحَائِضٍ تَطْهُرُ، أَوْ كَافِرٍ يُسْلِمُ، أَوْ صَبِيٍّ يَبْلُغُ، أَوْ مَجْنُونٍ يُفِيقُ، أَوْ نَائِمٍ يَسْتَيْقِظُ، أَوْ مَرِيضٍ يَبْرَأُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: " مَعَ الضَّرُورَةِ ". فَأَمَّا إدْرَاكُهَا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>