للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُوقَفُ هَاهُنَا شَيْءٌ، وَتُعْطَى الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ السُّبْعَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْجَبُ بِالشَّكِّ، كَمَا لَا تَرِثُ بِالشَّكِّ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ دَفْعَ السُّبْعِ إلَيْهَا تَوْرِيثٌ بِالشَّكِّ، وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ حَجْبٌ يَقِينًا، إنَّمَا هُوَ تَوَقُّفٌ عَنْ صَرْفِ الْمَالِ إلَى إحْدَى الْجِهَتَيْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا. وَيُعَارِضُ قَوْلَ هَذَا الْقَائِلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْيَقِينَ حَيَاتُهُ، فَيُعْمَلُ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ، وَيُدْفَعُ الْمَالُ إلَى الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ. وَالتَّوَسُّطُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ مِيرَاث الْأَسِير]

(٤٩٧٤) فَصْلٌ: وَالْأَسِيرُ كَالْمَفْقُودِ، إذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ. وَإِنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ، وَرِثَ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَحُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَالْكُفَّارُ لَا يَمْلِكُونَ الْأَحْرَارَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ حُكْمُ النِّكَاحِ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ سَوَاءٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَتَوْرِيثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ]

(٤٩٧٥) فَصْلٌ: فِي التَّزْوِيجِ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ. حُكْمُ النِّكَاحِ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ سَوَاءٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَتَوْرِيثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَقَالَ مَالِكٌ: أَيُّ الزَّوْجَيْنِ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا حَالَ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لَا يَتَوَارَثَانِ بِهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَهَا، فَيَكُونَ لَهَا الْمُسَمَّى فِي ثَلَاثَةٍ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ

وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلُهُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي نِكَاحِ مَنْ لَمْ يَرِثْ، كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ بِقَصْدِ تَوْرِيثِهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَهُ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَارِثَةً. وَقَالَ رَبِيعَةُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ مِنْ الثُّلُثِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: النِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا

وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ: إنْ قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِوَرَثَتِهِ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَنَا، أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَصِحُّ فِي الصِّحَّةِ، فَيَصِحُّ فِي الْمَرَضِ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ بِشَرْطِهِ، فَيَصِحُّ كَحَالِ الصِّحَّةِ، وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ، أَصْدَقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ أَلْفًا لِيُضَيِّقَ بِهِنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ، وَيَشْرَكْنَهَا فِي مِيرَاثِهَا، فَأُجِيزَ ذَلِكَ. وَإِذَا ثَبَتَ صِحَّةُ النِّكَاحِ، ثَبَتَ الْمِيرَاثُ بِعُمُومِ الْآيَةِ.

[فَصْلٌ لَا فَرْقَ فِي مِيرَاثِ الزَّوْجَيْنِ بَيْنَ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ]

(٤٩٧٦) فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ فِي مِيرَاثِ الزَّوْجَيْنِ بَيْنَ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى لِبِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِالْمِيرَاثِ، وَكَانَ زَوْجُهَا مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا. وَلِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، فَيُوَرَّثُ بِهِ، كَمَا بَعْدَ الدُّخُولِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>