للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتِ، فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ. فَعَتَقَتْ الْأَمَةُ، وَأَسْلَمَتْ الذِّمِّيَّةُ، وَمَاتَ، وَرِثَتَاهُ؛ لِأَنَّهُ فَارٌّ فَإِنْ قَالَ لَهُمَا: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ غَدًا. فَعَتَقَتْ الْأَمَةُ، وَأَسْلَمَتْ الذِّمِّيَّةُ، لَمْ تَرِثَاهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ فَارٍّ. وَإِنْ قَالَ سَيِّدُ الْأَمَةِ: أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا. وَقَالَ الزَّوْجُ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا. وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَوْلِ السَّيِّدِ.

وَرِثَتْهُ؛ لِأَنَّهُ فَارٌّ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، لَمْ تَرِثْهُ؛ لِعَدَمِ الْفِرَارِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَالشَّافِعِيُّ وَلَمْ أَعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفًا.

[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي صِحَّته إذَا مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ]

(٤٩٨٤) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي صِحَّتِهِ: إذَا مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَحُكْمُهُ حُكْمُ طَلَاقِ الْمَرَضِ سَوَاءٌ. فَإِنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ ثَلَاثًا، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ طَلَاقِهِ فِي مَرَضِهِ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. وَلَنَا، أَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالِهَا.

[فَصْلِ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فِي مَرَضِهِ فَأَجَابَهَا]

(٤٩٨٥) فَصْلٌ: وَإِنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فِي مَرَضِهِ، فَأَجَابَهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَارٍّ. وَالثَّانِيَةُ، تَرِثُهُ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إنْ خَالَعَهَا، أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ، أَوْ عَلَى فِعْلٍ مِنْ جِهَتِهَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ، أَوْ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فِرَارَ مِنْهُ

وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا، فَفَعَلَتْ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ، وَرِثَتْهُ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ فِيهِ. وَلَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَرِثَتْهُ؛ لِأَنَّهُ أَبَانَهَا بِمَا لَمْ تَطْلُبْهُ مِنْهُ. وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ، كَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، وَصِيَامٍ وَاجِبٍ فِي وَقْتِهِ، فَفَعَلَتْهُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ طَلَاقِهَا ابْتِدَاءً، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَكَذَلِكَ إنْ عَلَّقَهُ عَلَى كَلَامِهَا لِأَبَوَيْهَا أَوْ لَأَحَدِهِمَا. وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ أَنْتَ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ. وَنَحْوُهُ مِمَّا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهَا، وَلَا فِعْلِهِ، فَوُجِدَ الشَّرْطُ فَطَلُقَتْ بِهِ.

وَرِثَتْهُ.

[فَصْلٌ عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي الصِّحَّةِ عَلَى شَرْطٍ وُجِدَ فِي الْمَرَضِ]

(٤٩٨٦) فَصْلٌ: فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي الصِّحَّةِ عَلَى شَرْطٍ وُجِدَ فِي الْمَرَضِ، كَقُدُومِ زَيْدٍ، وَمَجِيءِ غَدٍ، وَصَلَاتِهَا الْفَرْضَ، بَانَتْ وَلَمْ تَرِثْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهَا تَرِثُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ فِي الْمَرَضِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ

وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، فَفَعَلَهُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِهَا فِي الْمَرَضِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الْمَرَضِ. وَلَوْ قَالَ فِي الصِّحَّةِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَضْرِبْ غُلَامِي. فَلَمْ يَضْرِبْهُ حَتَّى مَاتَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>