للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، قَوْلُ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ ابْن عَبَّاسٍ يَعْتَرِفُ لِعَلِيٍّ بِتَقْدِيمِ قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا ثَبَتَ لَنَا عَنْ عَلِيٍّ قَوْلٌ، لَمْ نَعْدُهُ إلَى غَيْرِهِ

وَقَالَ: مَا عِلْمِي إلَى عِلْمِ عَلِيٍّ، إلَّا كَالْقَرَارَةِ إلَى الْمُثْعَنْجِرِ. وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ الْآدَمِيِّ، فَتُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْقُرْعَةُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ، كَالْعِتْقِ. وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ بِخَبَرِ عِمْرَانِ بْنِ الْحُصَيْنِ. وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ تَسَاوَتْ عَلَى وَجْهٍ تَعَذَّرَ تَعْيِينُ الْمُسْتَحِقِّ فِيهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِيهِ الْقُرْعَةُ، كَالْقِسْمَةِ فِي السَّفَرِ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَأَمَّا قَسْمُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْجَمِيعِ، فَفِيهِ دَفْعٌ إلَى إحْدَاهُنَّ مَا لَا تَسْتَحِقُّهُ، وَتَنْقِيصُ بَعْضِهِنَّ حَقَّهَا يَقِينًا، وَالْوَقْفُ إلَى غَيْرِ غَايَةٍ تَضْيِيعٌ لِحُقُوقِهِنَّ، وَحِرْمَانُ الْجَمِيعِ مَنْعُ الْحَقِّ عَنْ صَاحِبِهِ يَقِينًا

وَلَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ مَاتَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا قُرْعَةُ الطَّلَاقِ لَمْ يَرِثْهَا إنْ كَانَتْ الْمَيِّتَةُ، وَلَمْ تَرِثْهُ إنْ كَانَتْ الْأُخْرَى. وَفِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ: يَرِثُ الْأُولَى، وَلَا تَرِثُهُ، الْأُخْرَى. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُرْجَعُ إلَى تَعْيِينِ الْوَارِثِ، فَإِنْ قَالَ: طَلَّقَ الْمَيِّتَةَ. لَمْ يَرِثْهَا، وَوَرِثَتْهُ الْحَيَّةُ. وَإِنْ قَالَ: طَلَّقَ الْحَيَّةَ. حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَخَذَ مِيرَاثَ الْمَيِّتَةِ، وَلَمْ تُوَرَّثْ الْحَيَّةُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي، يُوقَفُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتَةِ مِيرَاثُ الزَّوْجِ، وَمِنْ مَالِ الزَّوْجِ مِيرَاثُ الْحَيَّةِ

وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ قَدْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ فَلَهَا حُكْمُ الطَّلَاقِ، وَلِلْأُخْرَى حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: لِلْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ إنْ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا، وَلِلْأُخْرَى رُبُعُهُ لِأَنَّ لِلْمَدْخُولِ بِهَا نِصْفَهُ بِيَقِينٍ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَتَدَاعَيَانِهِ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: النِّصْفُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا، وَالثَّانِي مَوْقُوفٌ. وَإِنْ كَانَتَا مَدْخُولًا بِهِمَا، فَقَالَ فِي مَرَضِهِ: أَرَدْت هَذِهِ. ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ كَالطَّلَاقِ فِيهِ

وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ زُفَرُ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَالْمِيرَاثُ لِلْأُخْرَى. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَلَوْ كَانَ لِلْمَرِيضِ امْرَأَةٌ أُخْرَى سِوَى هَاتَيْنِ، فَلَهَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، وَلِلِاثْنَتَيْنِ نِصْفُهُ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ نِصْفُهُ مَوْقُوفٌ.

[فَصْلٌ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَطَلَّقَ إحْدَاهُنَّ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ نَكَحَ خَامِسَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ]

(٤٩٩١) فَصْلٌ: وَلَوْ كَانَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَطَلَّقَ إحْدَاهُنَّ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ نَكَحَ خَامِسَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ، فَلِلْخَامِسَةِ رُبُعُ الْمِيرَاثِ وَالْمَهْرُ، وَيُقْرَعُ بَيْنَ الْأَرْبَعِ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: لَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهِنَّ، فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، يُوقَفُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ، وَمَهْرٌ وَنِصْفٌ بَيْنَ الْأَرْبَعِ، فَإِنْ جَاءَتْ وَاحِدَةٌ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا لَمْ تُعْطَ شَيْئًا

وَإِنْ طَلَبَهُ اثْنَتَانِ دُفِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>