للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِ الثَّانِي، وَفِي حَالٍ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ مِنْ مَالِ الْأَوَّلِ، فَتَدْفَعُ إلَيْهَا أَقَلَّهُمَا، وَيَبْقَى بَاقِي التَّرِكَةِ مَوْقُوفًا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَصْطَلِحُوا عَلَيْهِ

وَمِنْ النَّاس مَنْ يُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ الدَّعَاوَى. وَمَتَى اخْتَلَفَ أَجْنَاسُ التَّرِكَةِ، وَلَمْ يَصِرْ بَعْضُهَا قِصَاصًا عَنْ بَعْضٍ، قُوِّمَتْ، وَعُمِلَ فِي قِيمَتِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الدَّرَاهِمِ إنْ تَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ، أَوْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِمْ لِيَصِيرَ الْحَقُّ كُلُّهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّلَاحِ لَهُمْ، وَيُوقَفُ الْفَضْلُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ بَيْنَهُمْ عَلَى الصُّلْحِ. وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ غُلَامًا، فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَتَرَكَ أَلْفًا وَبِنْتًا وَعَمًّا، ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ، وَتَرَكَ أَلْفَيْنِ وَابْنَ ابْنٍ، ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ، وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَأُمًّا، كَانَ لِلْبِنْتِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهَا ثُلُثُهَا، وَلِلْغُلَامِ ثُلُثَاهَا، وَتَرِكَةُ الثَّانِي كُلُّهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ ابْنُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ ابْنِ الِابْنِ.

ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ عَنْ خَمْسَةِ آلَافٍ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ، فَلِأُمِّهِ ثُلُثُ، ذَلِكَ، وَلِأُخْتِهِ نِصْفُهُ، وَبَاقِيهِ لِابْنِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِيهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، فَلِابْنَةِ الْأَوَّلِ ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَيُوقَفُ ثُلُثَاهَا وَجَمِيعُ تَرِكَةِ الثَّانِي. فَإِذَا مَاتَ الْغُلَامُ، فَلِأُمِّهِ مِنْ تَرِكَتِهِ أَلْفٌ وَتُسْعَا أَلْفٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ ابْنَ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ قَدْ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ، وَيُرَدُّ الْمَوْقُوفُ مِنْ مَالِ أَبِي الْبِنْتِ عَلَى الْبِنْتِ وَالْعَمِّ، فَيَصْطَلِحَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَهُمَا، إمَّا عَنْ صَاحِبِهِمَا أَوْ الْغُلَامِ، وَيُرَدُّ الْمَوْقُوفُ مِنْ مَالِ الثَّانِي إلَى ابْنِ ابْنِهِ.

لِأَنَّهُ لَهُ إمَّا عَنْ جَدِّهِ وَإِمَّا عَنْ عَمِّهِ، وَتُعْطَى الْأُمُّ مِنْ تَرِكَةِ الْغُلَامِ أَلْفًا وَتُسْعَيْ أَلْفٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَالِهَا، وَيَبْقَى أَلْفٌ وَسَبْعَةُ أَتْسَاعِ أَلْفٍ تَدَّعِي الْأُمُّ مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ أَلْفٍ، تَمَامَ ثُلُثِ خَمْسَةِ آلَافٍ، وَيَدَّعِي مِنْهَا ابْنُ الِابْنِ أَلْفًا وَثُلُثًا، تَمَامَ ثُلُثَيْ خَمْسَةِ آلَافٍ، وَتَدَّعِي الْبِنْتُ وَالْعَمُّ جَمِيعَ الْبَاقِي، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَصْطَلِحُوا. وَلَوْ كَانَ الْمَوْلُودُ فِي يَدَيْ امْرَأَتَيْنِ فَادَّعَيَاهُ مَعًا، أُرِيَ الْقَافَةَ مَعَهُمَا، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِإِحْدَاهُمَا، لَحِقَ بِهَا وَوَرِثَهَا، وَوَرِثَتْهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ. وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَتْهُ عَنْهُمَا، لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا

وَإِنْ قَامَتْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، تَعَارَضَتَا، وَلَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُمَا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَاللُّؤْلُؤِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا، وَيَرِثَانِهِ مِيرَاثَ أُمٍّ وَاحِدَةٍ، كَمَا يُلْحَقُ بِرَجُلَيْنِ. وَلَنَا، أَنَّ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ كَاذِبَةٌ يَقِينًا، فَلَمْ تُسْمَعْ، كَمَا لَوْ عُلِمَتْ، وَمِنْ ضَرُورَةِ رَدِّهَا رَدُّهُمَا؛ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِهَا، وَلِأَنَّ هَذَا مُحَالٌ، فَلَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ أَكْبَرَ مِنْهُمَا. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَعَهَا صَبِيٌّ، ادَّعَاهُ رَجُلَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْهَا، وَهِيَ زَوْجَتُهُ، فَكَذَّبَتْهُمَا، لَمْ يَلْحَقْهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَتْ أَحَدَهُمَا، لَحِقَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ بَالِغًا، فَادَّعَيَاهُ، فَصَدَّقَ أَحَدَهُمَا

وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا مَعَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ زَوْجُهَا: هُوَ ابْنِي مِنْ غَيْرِكِ. فَقَالَتْ: بَلْ هُوَ ابْنِي مِنْك. لَحِقَهُمَا جَمِيعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>