للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى بَطِّهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا شَدَّهَا مِمَّا يَلِي الْجَيْبَ. وَهَذَا يَبْطُلُ بِمَا إذَا تَرَكَهَا فِي جَيْبِهِ، أَوْ شَدَّهَا فِي كُمِّهِ، فَإِنَّ الطَّرَّارَ يَقْدِرُ عَلَى بَطِّهَا وَلَا يَضْمَنُ، وَلَيْسَ إمْكَانُ إحْرَازِهَا بِأَحْفَظِ الْحِرْزَيْنِ مَانِعًا مِنْ إحْرَازِهَا بِمَا دُونَهُ، إذَا كَانَ حِرْزًا لِمِثْلِهَا. وَشَدُّهَا عَلَى الْعَضُدِ حِرْزٌ لَهَا كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُحْرِزُونَ بِهِ أَمْوَالَهُمْ، فَأَشْبَهَ شَدَّهَا فِي الْكُمِّ وَتَرْكَهَا فِي الْجَيْبِ، وَلَكِنْ لَوْ أَمَرَهُ بِشَدِّهَا مِمَّا يَلِي الْجَيْبَ، فَشَدَّهَا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، ضَمِنَ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِشَدِّهَا مِمَّا يَلِي الْجَانِبَ الْآخَرَ، فَشَدَّهَا مِمَّا يَلِي الْجَيْبَ، لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ أُحْرِزَ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِشَدِّهَا عَلَى عَضُدِهِ مُطْلَقًا، أَوْ أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا مَعَهُ، فَشَدَّهَا مِنْ أَيِّ الْجَانِبَيْنِ كَانَ، لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَ مَالِكِهَا، مُحْرِزٌ لَهَا بِحِرْزِ مِثْلِهَا.

وَأَنْ شَدَّهَا عَلَى وَسَطِهِ، فَهُوَ أَحْرَزُ لَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَهَا فِي بَيْتِهِ فِي حِرْزِهَا.

[فَصْلٌ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْوَدِيعَة فِي صُنْدُوقٍ وَقَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا وَلَا تَنَمْ فَوْقَهَا فَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ]

(٥٠٥٣) فَصْلٌ: وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي صُنْدُوقٍ، وَقَالَ: لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا، وَلَا تَنَمْ فَوْقَهَا. فَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، أَوْ قَالَ: لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا إلَّا قُفْلَا وَاحِدًا، فَجَعَلَ عَلَيْهَا قُفْلَيْنِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ رَبَّهَا فِي شَيْءٍ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ يَتَعَلَّقُ بِحِفْظِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ إخْرَاجِهَا عَنْ مَنْزِلِهِ فَأَخْرَجَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّوْمَ عَلَيْهَا، وَتَرْكَ قُفْلَيْنِ عَلَيْهَا، وَزِيَادَةَ الِاحْتِفَاظِ بِهَا، يُنَبِّهُ اللِّصَّ عَلَيْهَا، وَيَحُثُّهُ عَلَى الْجِدِّ فِي سَرِقَتِهَا، وَالِاحْتِيَالِ لِأَخْذِهَا. وَلَنَا، أَنَّ ذَلِكَ أُحْرِزَ لَهَا، فَلَا يَضْمَنُ بِفِعْلِهِ، كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَرْكِهَا فِي صَحْنِ الدَّارِ، فَتَرَكَهَا فِي الْبَيْتِ، وَبِهَذَا يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرُوهُ.

[فَصْلٌ قَالَ اجْعَلْ الْوَدِيعَة فِي هَذَا الْبَيْتِ وَلَا تُدْخِلهُ أَحَدًا فَأَدْخَلَ إلَيْهِ قَوْمًا فَسَرَقَهَا أَحَدُهُمْ]

(٥٠٥٤) فَصْلٌ: إذَا: قَالَ: اجْعَلْهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَلَا تُدْخِلْهُ أَحَدًا. فَأَدْخَلَ إلَيْهِ قَوْمًا، فَسَرَقَهَا أَحَدُهُمْ، ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِتَعَدِّيهِ وَمُخَالَفَتِهِ، وَسَوَاءٌ سَرَقَهَا حَالَ إدْخَالِهِمْ، أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا شَاهَدَ الْوَدِيعَةَ فِي دُخُولِهِ الْبَيْتَ، وَعَلِمَ مَوْضِعَهَا، وَطَرِيقَ الْوُصُولِ إلَيْهَا. وَإِنْ سَرَقَهَا مَنْ لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِإِتْلَافِهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ رُبَّمَا دَلَّ عَلَيْهَا مَنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَلِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ فَوَجَبَ الضَّمَانُ.

إذَا كَانَتْ سَبَبًا لِإِتْلَافِهَا فَأَوْجَبَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَبَبًا كَمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ إخْرَاجِهَا فَأَخْرَجَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

[فَصْلٌ قَالَ ضَعْ هَذَا الْخَاتَمَ وَدِيعَة فِي الْخِنْصَر فَوَضَعَهُ فِي الْبِنْصِرِ]

(٥٠٥٥) فَصْلٌ: إذَا قَالَ: ضَعْ هَذَا الْخَاتَمَ فِي الْخِنْصَرِ. فَوَضَعَهُ فِي الْبِنْصِرِ، لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَظُ وَأَحْفَظُ لَهُ، إلَّا أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهَا، فَيَضَعَهُ فِي أُنْمُلَتِهَا الْعُلْيَا فَيَضْمَنَهُ، أَوْ يَنْكَسِرَ بِهَا لِغِلَظِهَا عَلَيْهِ، فَيَضْمَنَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ سَبَبٌ لِتَلَفِهِ.

[مَسْأَلَةٌ أَوْدَعَهُ شَيْئًا ثُمَّ سَأَلَهُ دَفْعَهُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَلِفَ]

(٥٠٥٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا أَوْدَعَهُ شَيْئًا، ثُمَّ سَأَلَهُ دَفْعَهُ إلَيْهِ فِي وَقْتٍ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَلِفَ، فَهُوَ ضَامِنٌ)

<<  <  ج: ص:  >  >>