للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الْعَطَاءُ الْوَاجِبُ مِنْ الْغَنِيمَة لَا يَكُونُ إلَّا لَبَالِغٍ يُطِيقُ مِثْلُهُ الْقِتَالَ]

(٥٠٩٤) فَصْلٌ: وَالْعَطَاءُ الْوَاجِبُ لَا يَكُونُ إلَّا لِبَالِغٍ يُطِيقُ مِثْلُهُ الْقِتَالَ، وَيَكُونُ عَاقِلًا حُرًّا بَصِيرًا صَحِيحًا، لَيْسَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ الْقِتَالَ، فَإِنْ مَرِضَ الصَّحِيحُ مَرَضًا غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ، كَالزَّمَانَةِ وَنَحْوِهَا، خَرَجَ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ، وَسَقَطَ سَهْمُهُ، وَإِنْ كَانَ مَرَضًا مَرْجُوَّ الزَّوَالِ، كَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ وَالْبِرْسَامِ، لَمْ يَسْقُطْ عَطَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ فِي الْحَجِّ كَالصَّحِيحِ. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ، دُفِعَ حَقُّهُ إلَى وَرَثَتِهِ. وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ، دُفِعَ إلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تُعْطَ ذُرِّيَّتُهُ بَعْدَهُ، لَمْ يُجَرِّدْ نَفْسَهُ لِلْقِتَالِ

؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الضَّيَاعَ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يُكْفَوْنَ بَعْد مَوْتِهِ، سَهُلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو خَالِدٍ الْقَنَانِيُ:

لَقَدْ زَادَ الْحَيَاةَ إلَيَّ حُبًّا بَنَاتِي ... إنَّهُنَّ مِنْ الضِّعَافِ

مَخَافَةَ أَنْ يَرَيْنَ الْفَقْرَ بَعْدِي ... وَأَنْ يَشْرَبْنَ رَنْقًا بَعْدَ صَافِ

وَأَنْ يَعْرَيْنَ إنْ كُسِيَ الْجَوَارِي ... فَتَنْبُوا الْعَيْنُ عَنْ كَرَمٍ عِجَافِ

وَلَوْلَا ذَاكَ قَدْ سَوَّمْت مُهْرِي ... وَفِي الرَّحْمَنِ لِلضُّعَفَاءِ كَافِ

وَإِذَا بَلَغَ ذُكُورُ أَوْلَادِهِمْ، وَاخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا فِي الْمُقَاتِلَةِ، فُرِضَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا، تُرِكُوا، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْعَطَاءِ.

[مَسْأَلَةٌ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ]

(٥٠٩٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ، لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَارِسُ عَلَى هَجِينٍ، فَيَكُونَ لَهُ سَهْمَانِ، سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمٌ لِهَجِينِهِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِلْغَانِمِينَ، وقَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَيْهِمْ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهَا سَهْمًا لِغَيْرِهِمْ، فَبَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>