للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَجَازَ لِأَبِيهِ تَزْوِيجُهُ كَالصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ إذَا جَازَ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ، مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ، وَتَوَقُّعِ نَظَرِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى. وَلَنَا، عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الطَّارِئِ وَالْمُسْتَدَامِ، أَنَّهُ مَعْنًى يُثْبِتُ الْوِلَايَةَ، فَاسْتَوَى طَارِئُهُ وَمُسْتَدَامُهُ، كَالرِّقِّ، وَلِأَنَّهُ جُنُونٌ يُثْبِتُ الْوِلَايَةَ عَلَى مَالِهِ، فَأَثْبَتَهَا عَلَيْهِ فِي نِكَاحِهِ، كَالْمُسْتَدَامِ

فَأَمَّا اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ تَزْوِيجُهُ، إلَّا إذَا رَأَى الْمُصْلِحَةَ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، فَقَدْ تَكُونُ حَاجَتُهُ إلَى الْإِيوَاءِ وَالْحِفْظِ، وَرُبَّمَا كَانَ دَوَاءً لَهُ، وَيَتَرَجَّى بِهِ شِفَاؤُهُ، فَجَازَ التَّزْوِيجُ لَهُ، كَقَضَاءِ الشَّهْوَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ مِنْ يُفِيق فِي الْأَحْيَانِ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ]

(٥٢١٨) فَصْلٌ: وَمَنْ يُفِيقُ فِي الْأَحْيَانِ، لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ، وَمَنْ أَمْكَنَ أَنْ يَتَزَوَّجَ لِنَفْسِهِ، لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ كَالْعَاقِلِ. وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِبِرْسَامٍ أَوْ مَرَضٍ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ، فَهُوَ كَالْعَاقِلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ الْوِلَايَةَ عَلَى مَالِهِ، فَعَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى. وَإِنْ لَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْلُ وَصِيّ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ]

(٥٢١٩) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ وَصِيَّ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ بِمَنْزِلَتِهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ثُبُوتِ الْوِلَايَةِ لِلْوَصِيِّ عَلَى الْمَرْأَةِ. وَفِي هَذَا مِنْ الْخِلَافِ مِثْلُ مَا فِيهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ لِوَصِيِّ الْأَبِ فِي التَّزْوِيجِ خَاصَّةً، فَإِنْ كَانَ وَصِيًّا فِي الْمَالِ، لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ فِي التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ التَّصَرُّفَ بِالْوَصِيَّةِ، فَلَا يَمْلِكُ مَا لَمْ يُوصَ بِهِ إلَيْهِ، وَوَصِيُّ غَيْرِ الْأَبِ، لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، فَوَصِيُّهُ أَوْلَى.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَ لَصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ]

(٥٢٢٠) فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَ لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ، فَإِنَّهُ يَقْبَلُ لَهُمَا النِّكَاحَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا فِي قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ. وَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ ابْنَ عَشْرٍ، وَهُوَ مُمَيِّزٌ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ تَفْوِيضِ الْقَبُولِ إلَيْهِ، حَتَّى يَتَوَلَّاهُ لِنَفْسِهِ، كَمَا يُفَوَّضُ أَمْرُ الْبَيْعِ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِنَفْسِهِ. وَإِنْ تَزَوَّجَ لَهُ الْوَلِيُّ جَازَ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ، وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ، وَوُقُوعِ طَلَاقِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْهُ. فَهَذَا أَوْلَى

(٥٢٢١) فَصْلٌ: وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَهُمَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ، فَلَمْ تَجُزْ

<<  <  ج: ص:  >  >>