للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] أَيْ: نِكَاحُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] مَعْطُوفًا عَلَيْهِ، وَالْبَائِنُ لَيْسَتْ فِي نِكَاحِهِ؛ وَلِأَنَّهَا بَائِنٌ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ

، وَلَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى شَيْءٍ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَنْ لَا تُنْكَحَ امْرَأَةٌ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: كَانَ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ، وَتَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَلَيْسَ كُلُّهُمْ عَابَهُ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: إذَا عَابَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ؟ ،. وَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَنْ النِّكَاحِ لِحَقِّهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ وَلِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ فِي حَقِّهِ، أَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ، وَفَارَقَ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا.

[فَصْلٌ أَسْلَمَ زَوْجُ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْوَثَنِيَّةِ]

(٥٣١٣) فَصْلٌ: وَلَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْوَثَنِيَّةِ، أَوْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِخُلْعٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ فُسِخَ بِعَيْبٍ أَوْ إعْسَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِمَّنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا سَوَاءٌ قُلْنَا بِتَعْجِيلِ الْفُرْقَةِ أَوْ لَمْ نَقُلْ. وَإِنْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ، فَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ أَسْلَمَا فِي عِدَّةِ الْأُولَى اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدَةً، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهُمَا مَعًا. وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأُولَى، بَانَتْ، وَثَبَتَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ.

[فَصْلٌ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَةً كَانَ يُصِيبُهَا]

(٥٣١٤) فَصْلٌ: إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَةً كَانَ يُصِيبُهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ اسْتِبْرَاؤُهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً، وَلَا فِي عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ وَلَنَا، أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا، كَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ مَاؤُهُ فِي رَحِمِهَا، فَيَكُونَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ مَنْ جَمَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا.

وَمَنَعَهُ زُفَرُ وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ قَبْلَ إعْتَاقِهَا، فَبَعْدَهُ أَوْلَى.

[فَصْلٌ لَا يُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ أَمَةٍ فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ بَائِنٍ]

(٥٣١٥) فَصْلٌ: وَلَا يُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ أَمَةٍ فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ بَائِنٌ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي صُلْبِ نِكَاحِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>