للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَلْقَى، قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْك بَأْسٌ، إنَّمَا هُوَ أَبُوك وَغُلَامُك» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَكَرِهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَأَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْآيَتَيْنِ وَالْخَبَرَيْنِ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ} [النور: ٥٨] إلَى قَوْلِهِ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: ٥٨] وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَأُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ كَذَوِي الْمَحَارِمِ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: هُوَ مَحْرَمٌ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَحَارِمِ مِنْ الْأَقَارِبِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلِيلِ؛ وَلِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهَا، فَكَانَ مَحْرَمًا كَالْأَقَارِبِ وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ» رَوَاهُ سَعِيدٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِمْتَاعُهَا، فَلَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا كَزَوْجِ أُخْتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا، إذْ لَيْسَتْ بَيْنَهُمَا نَفْرَةُ الْمَحْرَمِيَّةِ، وَالْمِلْكُ لَا يَقْتَضِي النَّفْرَةَ الطَّبِيعِيَّةَ، بِدَلِيلِ السَّيِّدِ مَعَ أَمَتِهِ. وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ مِنْ النَّظَرِ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ، كَالشَّاهِدِ وَالْمُبْتَاعِ وَنَحْوِهِمَا وَجَعَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كَالْأَجْنَبِيِّ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ الْغُلَامُ مَا دَامَ طِفْلًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ مِنْهُ]

(٥٣٣٢) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْغُلَامُ، فَمَا دَامَ طِفْلًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ عَقَلَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ ذِي الْمَحْرَمِ فِي النَّظَرِ. وَالثَّانِيَةُ: لَهُ النَّظَرُ إلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: ٥٨] إلَى قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: ٥٨] إلَى قَوْلِهِ: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: ٥٩] فَدَلَّ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَبُو طَيْبَةَ حَجَمَ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ غُلَامٌ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] وَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَتَى تُغَطِّي الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا مِنْ الْغُلَامِ؟ قَالَ: إذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ.

[فَصْلٌ يُبَاحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ صَاحِبِهِ وَلَمْسُهُ]

(٥٣٣٣) فَصْلٌ: وَيُبَاحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ صَاحِبِهِ وَلَمْسُهُ حَتَّى الْفَرْجِ لِمَا رَوَى بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ فَقَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَك،

<<  <  ج: ص:  >  >>