للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا مِنْ زَوْجَتِك، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ؛ وَلِأَنَّ الْفَرْجَ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ، فَجَازَ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَمْسُهُ، كَبَقِيَّةِ الْبَدَنِ.

وَيُكْرَهُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ فَإِنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: مَا رَأَيْت فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي لَفْظٍ قَالَتْ: مَا رَأَيْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا رَآهُ مِنِّي. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَرْأَةِ تَقْعُدُ بَيْنَ يَدَيْ زَوْجِهَا وَفِي بَيْتِهَا مَكْشُوفَةً فِي ثِيَابٍ رِقَاقٍ: فَلَا بَأْسَ بِهِ قُلْت: تَخْرُجُ مِنْ الدَّارِ إلَى بَيْتٍ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ إلَّا هِيَ وَزَوْجُهَا؟ فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ.

[فَصْلٌ يُبَاحُ لِلسَّيِّدِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ أَمَتِهِ]

(٥٣٣٤) فَصْلٌ: وَيُبَاحُ لِلسَّيِّدِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ أَمَتِهِ حَتَّى فَرْجِهَا لِمَا ذَكَرْنَا فِي الزَّوْجَيْنِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ سُرِّيَّتُهُ وَغَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ مِنْ جَمِيعِ بَدَنِهَا، فَأُبِيحَ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ فَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ، وَالنَّظَرُ مِنْهَا إلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ، فَإِنَّهُ عَوْرَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

وَمَفْهُومُهُ إبَاحَةُ النَّظَرِ إلَى مَا عَدَاهُ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلَا شَكَّ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافَ فَإِنَّهَا قَدْ صَارَتْ مُبَاحَةً لِلزَّوْجِ، وَلَا تَحِلُّ الْمَرْأَةُ لِرَجُلَيْنِ فَإِنْ وَطِئَهَا، لَزِمَهُ الْإِثْمُ وَالتَّعْزِيرُ، وَإِنْ وَلَدَتْ فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لِغَيْرِهِ، فَلَمْ يَلْحَقْهُ وَلَدُهَا، كَالْأَجْنَبِيَّةِ.

[فَصْلٌ مَنْ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ مِنْ الْأَجَانِبِ]

(٥٣٣٥) فَصْلٌ: فِي مَنْ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ مِنْ الْأَجَانِبِ. وَيُبَاحُ لِلطَّبِيبِ النَّظَرُ إلَى مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْ بَدَنِهَا، مِنْ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَكَّمَ سَعْدًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ يَكْشِفُ عَنْ مُؤْتَزَرِهِمْ» وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلَامٍ قَدْ سَرَقَ، فَقَالَ: اُنْظُرُوا إلَى مُؤْتَزَرِهِ فَلَمْ يَجِدُوهُ أَنْبَتَ الشَّعْرَ، فَلَمْ يَقْطَعْهُ وَلِلشَّاهِدِ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا، لِتَكُونَ الشَّهَادَةُ وَاقِعَةً عَلَى عَيْنِهَا قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَشْهَدُ عَلَى امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا وَإِنْ عَامَلَ امْرَأَةً فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ.

فَلَهُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا، لِيَعْلَمَهَا بِعَيْنِهَا، فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِالدَّرَكِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الشَّابَّةِ دُونَ الْعَجُوزِ. وَلَعَلَّهُ كَرِهَهُ لِمَنْ يَخَافُ الْفِتْنَةَ، أَوْ يَسْتَغْنِي عَنْ الْمُعَامَلَةِ، فَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ، فَلَا بَأْسَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>