للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا، وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِوَطْئِهَا. وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا، لَحِقَ بِهِمَا. وَإِنْ أُولِدَهَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ، فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا بِوِلَادَتِهَا مِنْهُ صَارَتْ لَهُ أُمِّ وَلَدٍ، لِانْفِرَادِهِ بِإِيلَادِهَا، فَلَا تَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهَا إلَى غَيْرِ مَالِكِهَا. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ ابْنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَابِضًا لَهَا، وَلَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا، فَأَحْبَلَهَا الْأَبُ، فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَالْجَارِيَةُ لَهُ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ فِيهَا شَيْءٌ

قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الِابْنَ إنْ كَانَ وَطِئَهَا، لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ، لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَأَخْذُهَا، فَتَكُونُ قَدْ عَلِقَتْ بِمَمْلُوكٍ. وَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَبَضَهَا، وَلَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا، مَلَكَهَا؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِهِ، وَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حَاجَتُهُ، فَيَتَمَلَّكُهُ.

[بَاب نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ]

ِ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ، يُقَرُّونَ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمُوا أَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا، إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا فِي الْحَالِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى صِفَةِ عَقْدِهِمْ وَكَيْفِيَّتِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُ أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ الْوَلِيِّ، وَالشُّهُودِ، وَصِيغَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَا مَعًا، فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، أَنَّ لَهُمَا الْمُقَامَ عَلَى نِكَاحِهِمَا، مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ وَلَا رَضَاعٌ

وَقَدْ أَسْلَمَ خَلْقٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسْلَمَ نِسَاؤُهُمْ، وَأُقِرُّوا عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ، وَلَا كَيْفِيَّتِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ وَالضَّرُورَةِ، فَكَانَ يَقِينًا، وَلَكِنْ يُنْظَرُ فِي الْحَالِ، فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى صِفَةٍ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا، أُقِرَّ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا، كَأَحَدِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ أَوْ السَّبَبِ، أَوْ الْمُعْتَدَّةِ، وَالْمُرْتَدَّةِ، وَالْوَثَنِيَّةِ، وَالْمَجُوسِيَّةِ، وَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، لَمْ يُقَرَّ. وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَأَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا، أُقِرَّا؛ لِأَنَّهَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا.

[مَسْأَلَة أَسْلَمَ الْوَثَنِيُّ وَقَدْ تَزَوَّجَ بِأَرْبَعِ وَثَنِيَّات وَلَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ أَوْ الْمَجُوسِيَّيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ]

(٥٤٢٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: وَإِذَا أَسْلَمَ الْوَثَنِيُّ، وَقَدْ تَزَوَّجَ بِأَرْبَعِ وَثَنِيَّاتٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ، بِنَّ مِنْهُ، وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ مَا سَمَّى لَهَا إنْ كَانَ حَلَالًا، أَوْ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَا سَمَّى لَهَا حَرَامًا. وَلَوْ أَسْلَمَ النِّسَاءُ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ، بِنَّ مِنْهُ أَيْضًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ. فَإِنْ كَانَ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُهُنَّ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعًا، فَهُنَّ زَوْجَاتٌ

فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِنَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَنْ لَمْ تُسْلِمْ مِنْهُنَّ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُصُولٌ خَمْسَةٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>