للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، وَكُنَّ ثَمَانِيَا، فَاخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ، وَفَارَقَ أَرْبَعًا، لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْ الْمُخْتَارَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارِقَاتِ، لِئَلَّا يَكُونَ وَاطِئًا لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ. فَإِنْ كُنَّ خَمْسًا، فَفَارَقَ إحْدَاهُنَّ، فَلَهُ وَطْءُ ثَلَاثٍ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ، وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَةِ. وَإِنْ كُنَّ سِتًّا، فَفَارَقَ اثْنَتَيْنِ، فَلَهُ وَطْءُ اثْنَتَيْنِ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ وَإِنْ كُنَّ سَبْعًا فَفَارَقَ ثَلَاثًا فَلَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ، وَلَا يَطَأُ الْبَاقِيَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَاتِ، فَكُلَّمَا انْقَضَتْ عِدَّةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُفَارِقَاتِ، فَلَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ. هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ

(٥٤٥٥) فَصْلٌ: إذَا تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي حَالِ كُفْرِهِ، فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَتَا مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَاخْتَارَ أَحَدَاهُمَا، فَلَا مَهْرَ لِلْأُخْرَى؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِإِسْلَامِهِمْ جَمِيعًا، فَلَا تَسْتَحِقُّ مَهْرًا، كَمَا لَوْ فَسَخَ النِّكَاحَ لِعَيْبِ فِي إحْدَاهُمَا، وَلِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَا يَجِبُ بِهِ مَهْرٌ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ أُخْتَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ إذَا أَسْلَمُوا جَمِيعًا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَاخْتَارَ أَرْبَعًا، وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي، فَلَا مَهْرَ لَهُنَّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ وَأَسْلَمَتَا مَعًا]

(٥٤٥٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا، فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَتَا مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصَلَّيْنَ: (٥٤٥٧) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ إسْلَامُهُمْ جَمِيعًا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنَّهُ يَفْسُدُ نِكَاحُ الْأُمِّ، وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْبِنْتِ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتِيَارِ الْمُزَنِيّ. وَقَالَ فِي الْآخَرِ: يَخْتَارُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الشِّرْكِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الِاخْتِيَارُ، فَإِذَا اخْتَارَ الْأُمَّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى الْبِنْتِ

وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] . وَهَذِهِ أُمُّ زَوْجَتِهِ، فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ، فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ ابْنَتَهَا فِي حَالِ شِرْكِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ الْبِنْتَ وَحْدَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا إذَا أَسْلَمَ، فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَتَمَسَّك بِنِكَاحِهَا أَوْلَى. وَقَوْلُهُمْ: إنَّمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِانْضِمَامِ الِاخْتِيَارِ إلَيْهِ. غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ، ثَبَتَ لَهَا أَحْكَامُ الصِّحَّةِ

وَكَذَلِكَ لَوْ انْفَرَدَتْ كَانَ نِكَاحُهَا صَحِيحًا لَازِمًا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، وَلِهَذَا فُوِّضَ إلَيْهِ الِاخْتِيَارُ هَاهُنَا. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ لَيْسَ نِكَاحُهَا صَحِيحًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>