للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسَاءَ الثِّقَاتِ، وَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا قَالَ الزَّوْجُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ

وَأَمَّا الْجُنُونُ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، سَوَاءٌ كَانَ مُطْبِقًا أَوْ كَانَ يُجَنُّ فِي الْأَحْيَانِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَسْكُنُ إلَى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا يُغْمَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يَزُولُ، فَذَلِكَ مَرَضٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ. فَإِنْ زَالَ الْمَرَضُ، وَدَامَ بِهِ الْإِغْمَاءُ، فَهُوَ كَالْجُنُونِ، يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَأَمَّا الْجَبُّ، فَهُوَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ذَكَرِهِ مَقْطُوعًا، أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا مَا لَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ، وَيَغِيبُ مِنْهُ فِي الْفَرْجِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ، فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يُمْكِنُ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ يَضْعُفُ بِالْقَطْعِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوَطْءِ

وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، كَمَا لَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ فِي الْعُنَّةِ، وَلِأَنَّ لَهُ مَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِمِثْلِهِ، فَأَشْبَهَ مَنْ لَهُ ذَكَرٌ قَصِيرٌ

(٥٥٠٠) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلَا يُخْشَى تَعَدِّيهِ، فَلَمْ يُفْسَخْ بِهِ النِّكَاحُ، كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ، وَلِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ، وَلَا نَصَّ فِي غَيْرِ هَذِهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى هَذِهِ الْعُيُوبِ؛ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ. وَأَبُو حَفْصٍ: إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ وَلَا خَلَاءَهُ فَلِلْآخَرِ الْخِيَارُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ بِهِ الْبَاسُورُ، وَالنَّاصُورُ، وَالْقُرُوحُ السَّيَّالَةُ فِي الْفَرْجَ، لِأَنَّهَا تُثِيرُ نَفْرَةً، وَتَتَعَدَّى نَجَاسَتُهَا، وَتُسَمَّى مَنْ لَا تَحْبِسُ نَجَوْهَا الشَّرِيمَ، وَمَنْ لَا تَحْبِسُ بَوْلَهَا الْمَشُولَةَ، وَمِثْلُهَا مِنْ الرِّجَالِ الْأَفِينُ

قَالَ أَبُو حَفْصٍ: وَالْخِصَاءُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ. وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا وَعَارًا، وَيَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ يُضْعِفُهُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ ابْنَ سَنَدِرُّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ خَصِيٌّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْلَمْتهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَعْلِمْهَا، ثُمَّ خَيِّرْهَا. وَفِي الْبَخَرِ، وَكَوْنِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى، وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَثْبُتُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْرَةً وَنَقْصًا وَعَارًا، وَالْبَخَرُ: نَتِنُ الْفَمِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: هُوَ نَتِنُ فِي الْفَرْجِ، يَثُورُ عِنْدَ الْوَطْءِ. وَهَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يُسَمَّى أَيْضًا بَخَرًا وَيُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّ نَتِنَ الْفَمِ يُسَمَّى بَخَرًا، وَيَمْنَعُ مُقَارَبَةَ صَاحِبِهِ إلَّا عَلَى كُرْهٍ

وَمَا عَدَا هَذِهِ فَلَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَجْهًا وَاحِدًا، كَالْقَرَعِ، وَالْعَمَى، وَالْعَرَجِ، وَقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ، وَلَا يُخْشَى تَعَدِّيهِ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا، إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ: إذَا وَجَدَ الْآخَرَ عَقِيمًا يُخَيَّرُ. وَأَحَبَّ أَحْمَدُ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>