للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِكَاحُهُمَا. أَنَّ لَهَا فَسْخَ النِّكَاحِ. وَهَذَا تَخْرِيجٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ بِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا قَبْلَ الْعِتْقِ.

[فَصْلٌ لَهُ عَبْدٌ وَأَمَةٌ مُتَزَوِّجَانِ فَأَرَادَ عِتْقَهُمَا]

(٥٥٢٠) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَهُ عَبْدٌ وَأَمَةٌ مُتَزَوِّجَانِ، فَأَرَادَ عِتْقَهُمَا، الْبِدَايَةُ بِالرَّجُلِ؛ لِئَلَّا يَثْبُتَ لِلْمَرْأَةِ خِيَارٌ عَلَيْهِ فَيُفْسَخَ نِكَاحُهُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ «كَانَ لَهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ، فَتَزَوَّجَا، فَقَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَهُمَا. فَقَالَ لَهَا: فَابْدَئِي بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ» . وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ لِلرَّجُلِ: إنِّي بَدَأْت بِعِتْقِك لِئَلَّا يَكُونَ لَهَا عَلَيْك خِيَارٌ.

[فَصْلٌ إذَا عَتَقَتْ الْمُتَزَوِّجَةُ الْمَجْنُونَةُ وَالصَّغِيرَةُ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْحَالِ]

(٥٥٢١) فَصْلٌ: إذَا عَتَقَتْ الْمَجْنُونَةُ وَالصَّغِيرَةُ، فَلَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْلٌ لَهُمَا، وَلَا قَوْلٌ مُعْتَبَرٌ، وَلَا يَمْلِكُ وَلِيُّهُمَا الِاخْتِيَارَ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا طَرِيقُهُ الشَّهْوَةُ، فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوِلَايَةِ كَالِاقْتِصَاصِ. فَإِذَا بَلَغْت الصَّغِيرَةُ، وَعَقَلَتْ الْمَجْنُونَةُ، فَلَهُمَا الْخِيَارُ حِينَئِذٍ؛ لِكَوْنِهِمَا صَارَتَا عَلَى صِفَةٍ لَكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمٌ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ كَانَ بِزَوْجَيْهِمَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْفَسْخَ، فَإِنْ كَانَ زَوْجَاهُمَا قَدْ وَطِئَاهُمَا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُمَا، لِأَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ انْقَضَتْ

وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: لَهُمَا الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ لَا رَأْيَ لَهُمَا، فَلَا يَكُونُ تَمْكِينُهُمَا مِنْ الْوَطْءِ دَلِيلًا عَلَى الرِّضَى، بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ، وَلَا يُمْنَعُ زَوْجَاهُمَا مِنْ وَطْئِهِمَا.

[مَسْأَلَة إذَا كَانَتْ لِنَفْسَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا فَلَا خِيَارَ لَهَا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعَسِّرًا]

(٥٥٢٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ لِنَفْسَيْنِ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا، فَلَا خِيَارَ لَهَا، إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا. إنَّمَا شَرَطَ الْإِعْسَارَ فِي الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ يَسْرِي عِتْقُهُ إلَى جَمِيعِهَا، فَتَصِيرُ حُرَّةً، وَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ، وَالْمُعْسِرُ لَا يَسْرِي عِتْقُهُ، بَلْ يَعْتِقُ مِنْهَا مَا أَعْتَقَ، وَبَاقِيهَا رَقِيقٌ، فَلَا تَكْمُلُ حُرِّيَّتُهَا، فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ حِينَئِذٍ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ. حَكَاهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاخْتَارَهَا؛ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ مِنْهُ، فَإِنَّهَا تَرِثُ، وَتُورَثُ، وَتَحْجُبُ بِقَدْرِ مَا فِيهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ

وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، وَلَا هِيَ فِي مَعْنَى الْحُرَّةِ الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّهَا كَامِلَةُ الْأَحْكَامِ، وَأَيْضًا مَا عَلَّلَ بِهِ أَحْمَدُ وَهُوَ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، فَلَا يُفْسَخُ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهَذِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>