للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَضْمِيرِ الْمَاءِ عَلَى الْحَجَرِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، فَلَهَا الرَّدُّ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَتْ الشَّاةَ مُصَرَّاةً فَلَهَا رَدُّهَا وَرَدُّ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ، وَقَدْ نَقَلَ مُهَنَّا، عَنْ أَحْمَدَ، فِي مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفِ ذِرَاعٍ فَإِذَا هِيَ تِسْعُمِائَةٍ: هِيَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الدَّارَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَةَ أَلْفِ ذِرَاعٍ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ.

وَهَذَا فِيمَا إذَا أَصْدَقَهَا دَارًا بِعَيْنِهَا عَلَى أَنَّهَا أَلْفُ ذِرَاعٍ، فَخَرَجَتْ تِسْعَمِائَةٍ، فَهَذَا كَالْعَيْبِ فِي ثُبُوتِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ شَرْطًا مَقْصُودًا، فَبَانَ بِخِلَافِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ الْعَبْدَ كَاتِبًا، فَبَانَ بِخِلَافِهِ. وَجَوَّزَ أَحْمَدُ الْإِمْسَاكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ رَضِيَتْ بِهَا نَاقِصَةً، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَعَ الْإِمْسَاكِ أَرْشًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ نَقْصِهَا، أَوْ رَدَّهَا وَأَخْذَ قِيمَتِهَا.

[مَسْأَلَة تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا]

(٥٥٦٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا، أَوْ اُسْتُحِقَّ، سَوَاءٌ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ. وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، تَظُنُّهُ عَبْدًا مَمْلُوكًا فَخَرَجَ حُرًّا، أَوْ مَغْصُوبًا، فَلَهَا قِيمَتُهُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَدِيمِ قَوْلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِي الْمَغْصُوبِ كَقَوْلِنَا، وَفِي الْحُرِّ كَقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْحُرِّ بِإِشَارَتِهِ إلَيْهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَاهُ حُرًّا.

وَلَنَا، أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى التَّسْمِيَةِ، فَكَانَ لَهَا قِيمَتُهُ، كَالْمَغْصُوبِ، وَلِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِقِيمَتِهِ، إذْ ظَنَّتْهُ مَمْلُوكًا، فَكَانَ لَهَا قِيمَتُهُ، كَمَا لَوْ وَجَدَتْهُ مَعِيبًا فَرَدَّتْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَصْدَقْتُك هَذَا الْحُرَّ، أَوْ هَذَا الْمَغْصُوبَ. فَإِنَّهَا رَضِيَتْ بِلَا شَيْءٍ، لِرِضَاهَا بِمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، أَوْ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمْلِيكِهِ إيَّاهَا، فَكَانَ وُجُودُ التَّسْمِيَةِ كَعَدَمِهَا، فَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: " سَوَاءٌ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ " يَعْنِي أَنْ تَسْلِيمَهُ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ، وَلَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهِ، فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

[فَصْلٌ أَصْدَقَهَا مِثْلِيًّا فَبَانَ مَغْصُوبًا]

(٥٥٦٨) فَصْلٌ: فَإِنْ أَصْدَقَهَا مِثْلِيًّا، فَبَانَ مَغْصُوبًا فَلَهَا مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إلَيْهِ، وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ فِي الْإِتْلَافِ وَإِنْ أَصْدَقَهَا جَرَّةَ خَلٍّ، فَخَرَجَتْ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبَةً، فَلَهَا مِثْلُ ذَلِكَ خَلًّا لِأَنَّ الْخَلَّ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهَا قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ. وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ خَلًّا، فَرَضِيَتْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ لَهَا بَدَلُ الْمُسَمَّى كَالْحُرِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>