للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ سَمَّى صَدَاقًا، فَلَا أُوجِبُهَا عَلَيْهِ، وَأَسْتَحِبُّ أَنْ يُمَتِّعَ وَإِنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا. وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ لِعُمُومِ النَّصِّ الْوَارِدِ فِيهَا، وَدَلَالَتِهَا عَلَى إيجَابِهَا.

وَقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الْأَئِمَّةِ بِهَا، فَلَمَّا امْتَنَعَ الْوُجُوبُ لِدَلَالَةِ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ، وَدَلَالَةِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ، تَعَيَّنَ حَمْلُ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ. وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ الْعَامَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا، وَإِنَّمَا تَنَاوَلَ الْمُطَلَّقَاتِ، وَلِأَنَّهَا أَخَذَتْ الْعِوَضَ الْمُسَمَّى لَهَا فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا بِهِ سِوَاهُ، كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ.

[فَصْلٌ الْمُتْعَةُ تَجِبُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ]

(٥٦٠٣) فَصْلٌ: وَالْمُتْعَةُ تَجِبُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ، لِكُلِّ زَوْجَةٍ مُفَوِّضَةٍ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ، وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، وَالْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا مُتْعَةَ لِلذِّمِّيَّةِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنْ كَانَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا، فَلَا مُتْعَةَ. وَلَنَا عُمُومُ النَّصِّ وَلِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ نِصْفِ الْمَهْرِ فِي حَقِّ مَنْ سُمِّيَ، فَتَجِبُ لِكُلِّ زَوْجَةٍ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ كَنِصْفِ الْمُسَمَّى، وَلِأَنَّ مَا يَجِبُ مِنْ الْعِوَضِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ، كَالْمَهْرِ.

[فَصْلٌ فِي الْمُفَوِّضَةُ الْمَهْرَ]

(٥٦٠٤) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمُفَوِّضَةُ الْمَهْرَ، وَهِيَ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَى مَا شَاءَ أَحَدُهُمَا، أَوْ الَّتِي زَوَّجَهَا غَيْرُ أَبِيهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ بِغَيْرِ إذْنِهَا، أَوْ الَّتِي مَهْرُهَا فَاسِدٌ، فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَا مُتْعَةَ لَهَا. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الَّتِي مَهْرُهَا فَاسِدٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ دُونَ نِصْفِ الْمَهْرِ، كَالْمُفَوِّضَةِ الْبُضْعَ.

وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ خَلَا عَقْدُهَا مِنْ تَسْمِيَةٍ صَحِيحَةٍ، فَأَشْبَهَتْ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْءٌ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ لَهَا مَهْرٌ وَاجِبٌ قَبْلَ الطَّلَاقِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَصَّفَ، كَمَا لَوْ سَمَّاهُ. أَوْ نَقُولُ: لَمْ تَرْضَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، فَلَمْ تَجِبْ الْمُتْعَةُ، كَالْمُسَمَّى لَهَا. وَتُفَارِقُ الَّتِي رَضِيَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ فَإِنَّهَا رَضِيَتْهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَعَادَ بُضْعُهَا سَلِيمًا، فَعَوَّضَتْ الْمُتْعَةَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

[فَصْلٌ كُلُّ فُرْقَةٍ يَتَنَصَّفُ بِهَا الْمُسَمَّى تُوجِبُ الْمُتْعَةَ]

(٥٦٠٥) فَصْلٌ: وَكُلُّ فُرْقَةٍ يَتَنَصَّفُ بِهَا الْمُسَمَّى، تُوجِبُ الْمُتْعَةَ، إذَا كَانَتْ مُفَوِّضَةً، وَمَا يَسْقُطُ بِهِ الْمُسَمَّى مِنْ الْفُرَقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>