للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، أَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى عَيْنَيْنِ، إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، فَلَزِمَهُ فِي الْأُخْرَى بِحِصَّتِهَا، كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَأُمَّ وَلَدِهِ. مَا ذَكَرُوهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ فِي مُقَابَلَةِ نِكَاحِهَا مَهْرٌ بِخِلَافِ الْحَائِطِ.

[فَصْلٌ جَمَعَ بَيْنَ نِكَاحٍ وَبَيْعٍ]

(٥٦٤١) فَصْلٌ: فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ نِكَاحٍ وَبَيْعٍ، فَقَالَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي، وَبِعْتُك دَارِي هَذَا بِأَلْفٍ. صَحَّ، وَيُقَسَّطُ الْأَلْفُ، عَلَى صَدَاقِهَا، وَقِيمَةُ الدَّارِ. وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُك ابْنَتِي، وَاشْتَرَيْت مِنْك عَبْدَك هَذَا بِأَلْفٍ. فَقَالَ: بِعْتُكَهُ، وَقَبِلْت النِّكَاحَ. صَحَّ، وَيُقَسَّطُ الْأَلْفُ عَلَى الْعَبْدِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْمَهْرُ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْجَهَالَةِ.

وَلَنَا، أَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَصِحُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، فَصَحَّ جَمْعُهُمَا، كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبَيْنِ. فَإِنْ قَالَ: زَوَّجْتُك وَلَك هَذَا الْأَلْفُ بِأَلْفَيْنِ. لَمْ يَصِحَّ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ كَمَسْأَلَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَ أَبُوهَا مَيِّتًا]

(٥٦٤٢) فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا، وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَ أَبُوهَا مَيِّتًا، فَالتَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ، وَلَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا؛ لِأَنَّ حَالَ الْأَبِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، فَيَكُونُ مَجْهُولًا. وَإِنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ أُخْرِجْك مِنْ دَارِك، وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجْتُك مِنْهَا. أَوْ عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لِي امْرَأَةٌ، وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لِي امْرَأَةٌ. فَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ: فِي الْجَمِيعِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَصِحُّ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ الشَّرْطَيْنِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَالْبَيْعِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَصِحُّ؛ لِأَنَّ أَلْفًا مَعْلُومٌ، وَإِنَّمَا جَهْلُ الثَّانِي وَهُوَ مَعْلُومٌ عَلَى شَرْطٍ، فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ كَانَ زِيَادَةً فِي الصَّدَاقِ وَالصَّدَاقُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِ. وَالْأُولَى أَوْلَى. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ عَلَى شَرْطٍ لَا يَصِحُّ لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ، فَلَوْ قَالَ: إنْ مَاتَ أَبُوك، فَقَدْ زِدْتُك فِي صَدَاقِك أَلْفًا. لَمْ تَصِحَّ، وَلَمْ تَلْزَمْ الزِّيَادَةُ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ. وَالثَّانِي، أَنَّ الشَّرْطَ هَاهُنَا لَمْ يَتَجَدَّدْ فِي قَوْلِهِ: إنْ كَانَ لِي زَوْجَةٌ، أَوْ إنْ كَانَ أَبُوك مَيِّتًا. وَلَا الَّذِي جَعَلَ الْأَلْفَ فِيهِ مَعْلُومَ الْوُجُودِ، لِيَكُونَ الْأَلْفُ الثَّانِي زِيَادَةً عَلَيْهِ.

وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى إبْطَالِ التَّسْمِيَةِ فِيهَا، وَبَيْنَ الَّتِي نَصَّ عَلَى الصِّحَّةِ فِيهَا، بِأَنَّ الصِّفَةَ الَّتِي جَعَلَ الزِّيَادَةَ فِيهَا لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ فِيهَا غَرَضٌ يَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ فِيهِ، وَهُوَ كَوْنُ أَبِيهَا مَيِّتًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>