للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَهَا جَمِيعَهَا لِلْمَرْأَةِ، لَا تَتَنَصَّفُ بِطَلَاقِهَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ لِكَوْنِهَا عِدَّةً غَيْرَ لَازِمَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي أَرَادَ ذَلِكَ فَهَذَا وَجْهٌ، وَإِلَّا فَلَا.

[مَسْأَلَة أَصْدَقَهَا غَنَمًا فَتَوَالَدَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]

(٥٦٤٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا أَصْدَقَهَا غَنَمًا فَتَوَالَدَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، كَانَتْ الْأَوْلَادُ لَهَا، وَرَجَعَ بِنِصْفِ الْأُمَّهَاتِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ نَقَصَتْهَا، فَيَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَقْتَ مَا أَصْدَقَهَا أَوْ يَأْخُذَ نِصْفَهَا نَاقِصَةً) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَهْرَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَرْأَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، فَإِذَا زَادَ فَالزِّيَادَةُ لَهَا، وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهَا. وَإِذَا كَانَتْ غَنَمًا فَتَوَالَدَتْ، فَالْأَوْلَادُ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، تَنْفَرِدُ بِهَا دُونَهُ، لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهَا.

وَيَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْأُمَّهَاتِ، إنْ لَمْ تَكُنْ نَقَصَتْ وَلَا زَادَتْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّهُ نِصْفُ مَا فَرَضَ لَهَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَإِنْ كَانَتْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِهَا نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ رَاضٍ بِدُونِ حَقِّهِ، وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهَا: وَقْتَ مَا أَصْدَقَهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ النَّقْصِ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي الْأَصْلِ دُونَ النَّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبُ الْعَقْدِ، فَلَمْ يَجُزْ رُجُوعُهُ فِي الْأَصْلِ بِدُونِهِ.

وَلَنَا، أَنَّ هَذَا نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ عَنْ الصَّدَاقِ، فَلَمْ يَمْنَعْ رُجُوعَ الزَّوْجِ، كَمَا لَوْ انْفَصَلَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَا ذَكَرُوهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِرَفْعٍ لِلْعَقْدِ، وَلَا النَّمَاءُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمِلْكِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوِلَادَةِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا أَوْ بَعْدَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ مَنَعَهَا قَبْضَهُ. فَيَكُونُ النَّقْصُ مِنْ ضَمَانِهِ، وَالزِّيَادَةُ لَهَا، فَتَنْفَرِدُ بِالْأَوْلَادِ. وَإِنْ نَقَصَتْ الْأُمَّهَاتُ، خُيِّرَتْ بَيْنَ أَخَذَ نِصْفِهَا نَاقِصَةً، وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهَا أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ أَصْدَقَهَا إلَى يَوْمِ طَلَّقَهَا. وَإِنْ أَرَادَ الزَّوْجُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمَّهَاتِ مِنْ الْمَرْأَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا وَلَدَتْ فِي يَدِ الزَّوْجِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَوْلَادِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ دَخَلَ فِي التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ، لِأَنَّ حَقَّ التَّسْلِيمِ تَعَلَّقَ بِالْأُمِّ، فَسَرَى إلَى الْوَلَدِ، كَحَقِّ الِاسْتِيلَادِ، وَمَا دَخَلَ فِي التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ، كَاَلَّذِي دَخَلَ فِي الْعَقْدِ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وَمَا فُرِضَ هَا هُنَا إلَّا الْأُمَّهَاتُ، فَلَا يَتَنَصَّفُ سِوَاهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>