للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْخُلْعِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] . وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يَتَّقُونَ اللَّهَ فِيهِنَّ، كَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَّقِينَ اللَّهَ فِيهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنِّي لِأُحِبّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ، كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي تَفْسِيرِهَا: إذَا أَطَعْنَ اللَّهُ، وَأَطَعْنَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ صُحْبَتَهَا، وَيَكُفُّ عَنْهَا أَذَاهُ، وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ سَعَتِهِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: التَّمَاثُلُ هَاهُنَا فِي تَأْدِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يُمْطِلُهُ بِهِ، وَلَا يُظْهِرُ الْكَرَاهَةَ، بَلْ بِبِشْرٍ وَطَلَاقَةٍ، وَلَا يُتْبِعُهُ أَذًى وَلَا مِنَّةً؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] . وَهَذَا مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْسِينُ الْخُلُقِ مَعَ صَاحِبِهِ، وَالرِّفْقُ بِهِ، وَاحْتِمَالُ أَذَاهُ؛ لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: ٣٦] إلَى قَوْلِهِ {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: ٣٦] قِيلَ: هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ، لَنْ تَسْتَقِيمَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمُهَا كَسَرْتهَا، وَإِنْ اسْتَمْتَعْت بِهَا اسْتَمْتَعْت بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ «خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَحَقُّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا أَعْظَمُ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ؛ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ: «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

، «وَقَالَ لَامْرَأَةٍ أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ جَنَّتُك وَنَارُك. وَقَالَ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِ شَطْرُهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَة مِثْلُهَا يُوطَأُ فَطَلَبَ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ]

(٥٦٩٣) فَصْلٌ: إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، مِثْلُهَا يُوطَأُ، فَطَلَبَ تَسْلِيمَهَا، إلَيْهِ وَجَبَ ذَلِكَ وَإِنْ عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، لَزِمَهُ تَسَلُّمُهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>