للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرَّةٍ، فَقَدْ زَادَهَا عَلَى مَا يَجِبُ لَهَا، وَإِنْ بَاتَهَا عِنْدَ الْأَمَةِ جَعَلَهَا كَالْحُرَّةِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَعَلَى مَا اخْتَرْنَ تَكُونُ هَذِهِ اللَّيْلَةُ الثَّامِنَةُ لَهُ، إنْ أَحَبَّ انْفَرَدَ فِيهَا، وَإِنْ أَحَبَّ بَاتَ عِنْدَ الْأُولَى مُسْتَأْنِفًا لِلْقَسْمِ.

وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، قَسَمَ لَهُنَّ لَيَالٍ مِنْ ثَمَانٍ، وَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي خَمْسٍ. وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّتَانِ وَأَمَةٌ، فَلَهُنَّ خَمْسٌ وَلَهُ ثَلَاثٌ. وَإِنْ كَانَ حُرَّتَانِ وَأَمَتَانِ، فَلَهُنَّ سِتٌّ وَلَهُ اثْنَتَانِ. وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَاحِدَةً، فَلَهَا لَيْلَةٌ وَلَهُ سَبْعٌ، وَعَلَى قَوْلِهِمْ لَهَا لَيْلَةٌ وَلَهُ سِتٌّ.

[فَصَلِّ الْوَطْءُ وَاجِبٌ عَلَى الرَّجُلِ]

(٥٧١٠) فَصَلِّ وَالْوَطْءُ وَاجِبٌ عَلَى الرَّجُلِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: لَا يَجِبُ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ لِلْإِضْرَارِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، كَسَائِرِ حُقُوقِهِ. وَلَنَا، مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ كَعْبٍ أَنَّهُ حِينَ قَضَى بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، قَالَ:

إنَّ لَهَا عَلَيْك حَقًّا يَا بَعْلُ ... تُصِيبُهَا فِي أَرْبَعٍ لِمَنْ عَدَلَ

فَأَعْطِهَا ذَاكَ وَدَعْ عَنْك الْعِلَلَ

، فَاسْتَحْسَنَ عُمَرُ قَضَاءَهُ، وَرَضِيَهُ.

وَلِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، فَيَجِبُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ، يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، لَمْ يَصِرْ بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِهِ وَاجِبًا، كَسَائِرِ مَا لَا يَجِبُ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الزَّوْجَيْنِ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا، وَهُوَ مُفْضٍ إلَى دَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عَنْ الْمَرْأَةِ كَإِفْضَائِهِ إلَى دَفْعِ ذَلِكَ عَنْ الرَّجُلِ، فَيَجِبُ تَعْلِيلُهُ بِذَلِكَ، وَيَكُون النِّكَاحُ حَقًّا لَهُمَا جَمِيعًا، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِيهِ حَقٌّ، لَمَا وَجَبَ اسْتِئْذَانُهَا فِي الْعَزْلِ، كَالْأَمَةِ.

إذَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ، فَهُوَ مُقَدَّرٌ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَوَجْهُهُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّرَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي حَقِّ الْمُولِي، فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُوجِبُ مَا حُلِفَ عَلَى تَرْكِهِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ بِدُونِهَا. فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَطَالَبَتْ الْمَرْأَةُ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، يَقُولُ: غَدًا أَدْخُلُ بِهَا، إلَى شَهْرٍ، هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ؟ فَقَالَ: أَذْهَبُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. فَجَعَلَهُ أَحْمَدُ كَالْمُولِي.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ: لَمْ يَرْوِ مَسْأَلَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ غَيْرُهُ، وَفِيهَا نَظَرٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ لَهُ الْمُدَّةُ لِذَلِكَ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمْ، لَمْ يَكُنْ لِلْإِيلَاءِ أَثَرٌ، وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِهِ.

[فَصْل كَمْ يَغِيبُ الرَّجُلُ عَنْ زَوْجَتِهِ]

(٥٧١١) فَصْلٌ: وَإِنْ سَافَرَ عَنْ امْرَأَتِهِ لَعُذْرٍ وَحَاجَةٍ، سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَالْوَطْءِ، وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>