للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا: فَهِيَ طَالِقٌ.

وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ مَا قُلْنَاهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ عَلَيْهَا عَبْدٌ وَسَطٌ. وَتَأَوَّلَ كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهَا أَعْطَتْهُ عَبْدًا وَسَطًا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ. وَلَنَا، أَنَّهَا خَالَعَتْهُ عَلَى مُسَمًّى مَجْهُولٍ، فَكَانَ لَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلِأَنَّهُ إذَا قَالَ: إنَّ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا، فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلَا يَلْزَمُهَا أَكْثَرُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْتَزِمْ لَهُ شَيْئًا فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِغَيْرِ خُلْعٍ. الثَّالِثُ، أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى مُسَمًّى تَعْظُمُ الْجَهَالَةُ فِيهِ، مِثْلُ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى دَابَّةٍ، أَوْ بَعِيرٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ يَقُولَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.

فَالْوَاجِبُ فِي الْخُلْعِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إذَا أَعْطَتْهُ إيَّاهُ، فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَطِيَّتِهِ إيَّاهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا غَيْرُ ذَلِكَ، فِي قِيَاسِ مَا قَبْلَهَا. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ: تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَتْ مِنْ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ الْبُضْعَ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِوَضُ؛ لِجَهَالَتِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهَا قِيمَةُ مَا فَوَّتَتْ، وَهُوَ الْمَهْرُ. وَلَنَا، مَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّهَا مَا الْتَزَمَتْ لَهُ الْمَهْرَ الْمُسَمَّى وَلَا مَهْرَ الْمِثْلِ، فَلَمْ يَلْزَمْهَا، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلِأَنَّ الْمُسَمَّى قَدْ اُسْتُوْفِيَ بَدَلُهُ بِالْوَطْءِ، فَكَيْفَ يَجِبُ بِغَيْرِ رِضًى مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَحْمَدَ، أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ كَالْوَصِيَّةِ بِهِ.

وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ، لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي بَيْتِهَا مِنْ الْمَتَاعِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَتَاعٌ، فَهُوَ لَهُ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَتَاعٌ، فَلَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَتَاعِ. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، عَلَيْهَا الْمُسَمَّى فِي الصَّدَاقِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَالْوَجْهُ لِلْقَوْلَيْنِ مَا تَقَدَّمَ. الرَّابِعُ، أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى حَمْلِ أَمَتِهَا، أَوْ غَنَمِهَا، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ، أَوْ قَالَ: عَلَى مَا فِي بُطُونِهَا أَوْ ضُرُوعِهَا، فَيَصِحُّ الْخُلْعُ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَلَا يَصِحُّ عَلَى حَمْلِهَا. وَلَنَا أَنَّ حَمْلَهَا هُوَ مَا فِي بَطْنِهَا، فَصَحَّ الْخُلْعُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إنَّ خَرَجَ الْوَلَدُ سَلِيمًا، أَوْ كَانَ فِي ضُرُوعِهَا شَيْءٌ مِنْ اللَّبَنِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا شَيْءَ لَهُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا، أَوْ تَحْمِلُ أَمَتُهَا، صَحَّ.

قَالَ أَحْمَدُ: إذَا خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى ثَمَرَةِ نَخْلِهَا سِنِينَ، فَجَائِزٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ نَخْلُهَا، تُرْضِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>