للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: قَبِلْت بِأَلْفَيْنِ وَقَعَ، وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْأَلْفُ الزَّائِدَةُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لِمَا أَوْجَبَهُ دُونَ مَا لَمْ يُوجِبْهُ. وَإِنْ قَالَتْ: قَبِلْت بِخَمْسِمِائَةِ. لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ. وَإِنْ قَالَتْ: قَبِلْت وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِثُلُثِ الْأَلِفِ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِانْقِطَاعِ رَجْعَتِهِ عَنْهَا إلَّا بِأَلْفٍ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ. وَقَعَتْ بِهَا وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَوَقَعْت الْأُخْرَى عَلَى قَبُولِهَا؛ لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ.

[مَسْأَلَةٌ خَالَعَتْهُ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ]

(٥٧٩٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا خَالَعَتْهُ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ كَانَ الْخُلْعُ وَاقِعًا، وَيَتْبَعُهَا إذَا عَتَقَتْ بِمِثْلِهِ، إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: (٥٧٩٣) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْخُلْعَ مَعَ الْأَمَةِ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَمَعَ الزَّوْجَةِ أَوْلَى، يَكُونُ طَلَاقُهَا عَلَى عِوَضٍ بَائِنًا، وَالْخُلْعُ مَعَهَا كَالْخُلْعِ مَعَ الْحُرَّةِ سَوَاءٌ. (٥٧٩٤) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْخُلْعَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا عَلَى شَيْءٍ فِي ذِمَّتِهَا، فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا إذَا عَتَقَتْ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذِمَّتِهَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى عَيْنٍ، فَاَلَّذِي ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهَا مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ، وَمَا فِي يَدِهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهَا، فَيَلْزَمُهَا بِذَلُهُ، كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا.

وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى عَيْنٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا أَمَةٌ، فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ، فَيَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ، أَوْ هَذَا الْحُرِّ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " قَالَ: هُوَ كَالْخُلْعِ عَلَى الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، كَقَوْلِهِ فِي الْخُلْعِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَغْصُوبِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ عَلَى أَنَّهَا ذَكَرَتْ لِزَوْجِهَا أَنَّ سَيِّدَهَا أَذِنَ لَهَا فِي هَذَا الْخُلْعِ بِهَذِهِ، الْعَيْنِ وَلَمْ تَكُنْ صَادِقَةً، أَوْ جَهِلَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ، أَوْ يَكُونُ اخْتَارَهُ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَغْصُوبٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ، وَيَكُونُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا فِي حَالِ عِتْقِهَا؛ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي تَمْلِكُ فِيهِ، فَهِيَ كَالْمُعْسِرِ، يُرْجَعُ عَلَيْهِ فِي حَالِ يَسَارِهِ، وَيُرْجَعُ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ، لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ مَعَ بَقَاءِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، كَالْمَغْصُوبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>