للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْدَاهُمَا، أَنَّ الْعِتْقَ كَالنِّكَاحِ فِي أَنَّ الصِّفَةَ لَا تَنْحَلُّ بِوُجُودِهَا بَعْدَ بَيْعِهِ، فَيَكُونُ كَمَسْأَلَتِنَا. وَالثَّانِيَةُ، تَنْحَلُّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّانِي لَا يُبْنَى عَلَى الْأَوَّلِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ. وَفَارَقَ النِّكَاحَ، فَإِنَّهُ يُبْنَى عَلَى الْأَوَّلِ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ عَدَدُ الطَّلَاقِ، فَجَازَ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ فِي عَوْدِ الصِّفَةِ، وَلِأَنَّ هَذَا يَفْعَلُ حِيلَةً عَلَى إبْطَالِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ، وَالْحِيَلُ خِدَاعٌ لَا تُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، فَإِنَّ ابْنِ مَاجَهْ وَابْنَ بَطَّةَ رَوَيَا بِإِسْنَادِهِمَا، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْعَبُونَ بِحُدُودِ اللَّهِ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بِآيَاتِهِ: قَدْ طَلَّقْتُك، قَدْ رَاجَعْتُك، قَدْ طَلَّقْتُك» . وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ: " خَالَعْتُكَ، وَرَاجَعْتُك طَلَّقْتُك، رَاجَعْتُك " وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتْ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» .

(٥٨١٣) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الصِّفَةُ لَا تَعُودُ بَعْدَ النِّكَاحِ الثَّانِي، مِثْلُ إنْ قَالَ: إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. ثُمَّ أَبَانَهَا، فَأَكَلَتْهُ، ثُمَّ نَكَحَهَا، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ حِنْثَهُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، وَمَا وُجِدَتْ، وَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُ الطَّلَاقِ بِأَكْلِهَا لَهُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>