للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ وَهِيَ حَائِضٌ]

(٥٨٢٨) فَصْلٌ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ. فَقَدِمَ وَهِيَ حَائِضٌ، طَلُقَتْ لِلْبِدْعَةِ، وَلَمْ يَأْثَمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ لِلسُّنَّةِ. فَقَدِمَ فِي زَمَانِ السُّنَّةِ، طَلُقَتْ. وَإِنْ قَدِمَ فِي زَمَانِ الْبِدْعَةِ، لَمْ يَقَعْ، حَتَّى إذَا صَارَتْ إلَى زَمَانِ السُّنَّةِ وَقَعَ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ حِينَ قَدِمَ زَيْدٌ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِقُدُومِ زَيْدٍ عَلَى صِفَةٍ، فَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَيْهَا. وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ. قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، طَلُقَتْ عِنْدَ قُدُومِهِ، حَائِضًا كَانَتْ أَوْ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهَا لَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ. وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا، وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، طَلُقَتْ.

وَإِنْ قَدِمَ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَجِيءَ زَمَنُ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِمَّنْ لِطَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ. وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ لِلسُّنَّةِ. فَكَانَ رَأْسُ الشَّهْرِ فِي زَمَانِ السُّنَّةِ، وَقَعَ، وَإِلَّا وَقَعَ إذَا جَاءَ زَمَانُ السُّنَّةِ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ]

(٥٨٢٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ قَالَ لَهَا، وَهِيَ حَائِضٌ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. طَلُقَتْ مِنْ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ) قَالَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ إنَّمَا هُوَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا، أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا، فَلَيْسَ لِطَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ، إلَّا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي حَقِّ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَات الْأَقْرَاءِ إنَّمَا كَانَ لَهُ سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَطُولُ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ، وَتَرْتَابُ بِالطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ، وَيَنْتَفِي عَنْهَا الْأَمْرَانِ بِالطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا تَنْفِي تَطْوِيلَهَا أَوْ الِارْتِيَابَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ ذَوَاتُ الْأَشْهُرِ؛ كَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ، وَالْآيِسَاتِ مِنْ الْمَحِيضِ لَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهِنَّ وَلَا بِدْعَةَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَطُولُ بِطَلَاقِهَا فِي حَالٍ، وَلَا تَحْمِلُ فَتَرْتَابُ.

وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ الَّتِي اسْتَبَانَ حَمْلُهَا، فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُنَّ لَيْسَ لَطَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ مِنْ جِهَةِ الْوَقْتِ، فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. فَإِذَا قَالَ لِإِحْدَى هَؤُلَاءِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ. وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ فِي الْحَالِ، وَلَغَتْ الصِّفَةُ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَتَّصِفُ بِذَلِكَ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَلَمْ يَزِدْ.

وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ. أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِصِفَتِهَا. وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ أَنْ يَكُونَ لِلْحَامِلِ طَلَاقُ سُنَّةٍ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقُ أُمِرَ بِهِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا ". وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>