للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ لَقِيَ امْرَأَتَهُ فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ]

(٥٨٧٢) فَصْلٌ: وَإِنْ لَقِيَ امْرَأَتَهُ، فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ تَنَحِّي يَا مُطَلَّقَةُ. أَوْ لَقِيَ أَمَتَهُ، فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً، فَقَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ، أَوْ تَنَحِّي يَا حُرَّةُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، فِيمَنْ لَقِيَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ: تَنَحِّي يَا مُطَلَّقَةُ، أَوْ يَا حُرَّةُ. وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا، فَإِذَا هِيَ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ: لَا يَقَعُ بِهِمَا طَلَاقٌ وَلَا حُرِّيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِمَا ذَلِكَ، فَلَمْ يَقَعْ بِهِمَا شَيْءٌ، كَسَبْقِ اللِّسَانِ إلَى مَا لَمْ يُرِدْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَعْتِقَ الْأَمَةُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْ النَّاسِ مُخَاطَبَةُ مَنْ لَا يَعْرِفُهَا بِقَوْلِهِ: يَا حُرَّةُ. وَتَطْلُقُ الزَّوْجَةُ؛ لِعَدَمِ الْعَادَةِ بِالْمُخَاطَبَةِ بِقَوْلِهِ: يَا مُطَلَّقَةُ.

[فَصْلٌ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ]

(٥٨٧٣) فَصْلٌ: فَأَمَّا غَيْرُ الصَّرِيحِ؛ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ، أَوْ دَلَالَةِ حَالٍ. وَقَالَ مَالِكٌ الْكِنَايَاتُ الظَّاهِرَةُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَحَرَامٌ. يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. قَالَ الْقَاضِي، فِي " الشَّرْحِ ": وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الطَّلَاقِ فِي الْعُرْفِ، فَصَارَتْ كَالصَّرِيحِ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ كِنَايَةٌ لَمْ تُعْرَفْ بِإِرَادَةِ الطَّلَاقِ بِهَا، وَلَا اخْتَصَّتْ بِهِ، فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِهَا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ، وَإِذَا ثَبَتَ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ، فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ، فَإِنْ وُجِدَتْ فِي ابْتِدَائِهِ، وَعَرِيَتْ عَنْهُ فِي سَائِرِهِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَا يَقَعُ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتَ بَائِنٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ، وَعَرِيَتْ نِيَّتُهُ حِينَ قَالَ: أَنْتِ بَائِنٌ، لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي صَاحَبَتْهُ النِّيَّةُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ. وَلَنَا أَنَّ مَا تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ يَكْتَفِي فِيهِ بِوُجُودِهَا فِي أَوَّلِهِ، كَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، فَأَمَّا إنْ تَلَفَّظَ بِالْكِنَايَةِ غَيْرَ نَاوٍ، ثُمَّ نَوَى بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَقَعْ بِهَا الطَّلَاقُ، وَكَمَا لَوْ نَوَى الطَّهَارَةَ بِالْغُسْلِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ.

[مَسْأَلَةٌ قِيلَ لَهُ أَلِك امْرَأَةٌ فَقَالَ لَا وَأَرَادَ بِهِ الْكَذِبَ]

(٥٨٧٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَلِك امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ: لَا. وَأَرَادَ بِهِ الْكَذِبَ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: قَدْ طَلَّقْتهَا. وَأَرَادَ بِهِ الْكَذِبَ، لَزِمَهُ الطَّلَاقُ) إنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ إذَا أَرَادَ الْكَذِبَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَا لِي امْرَأَةٌ. كِنَايَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ، وَإِذَا نَوَى الْكَذِبَ فَمَا نَوَى الطَّلَاقَ، فَلَمْ يَقَعْ. وَهَكَذَا لَوْ نَوَى أَنَّهُ لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ تَخْدُمُنِي، أَوْ تُرْضِينِي، أَوْ أَنِّي كَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>