للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ الْخُلْعِ بِشَهْرٍ وَسَاعَةٍ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الْخُلْعَ وَقَعَ صَحِيحًا، وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَهَا بَائِنًا. وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ عَقْدِ الصِّفَةِ بِشَهْرٍ وَسَاعَةٍ، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَبَطَلَ الْخُلْعُ، وَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْعِوَضِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يَصِحُّ خُلْعُهَا. وَإِنْ كَانَتْ بِحَالِهَا، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ عَقْدِ الصِّفَةِ بِيَوْمٍ، ثُمَّ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ مِنْ حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ، لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ قَدْ وَقَعَ قَبْلَ مَوْتِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا، فَلَمْ يَرِثْهُ صَاحِبُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّوَارُثَ، مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.

فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِشَهْرٍ وَسَاعَةٍ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِالْمَوْتِ، وَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ. فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي الْمَاضِي. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ عَقْدِ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ وَسَاعَةٍ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَلَمْ يَتَوَارَثَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَيَمُوتَ فِي عِدَّتِهَا. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي. وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا، طَلَقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ مَحَلٌّ لِلطَّلَاقِ، فَوَقَعَ فِي أَوَّلِهِ. وَإِنْ قَالَ: قَبْلَ مَوْتِكَ أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ. فَكَذَلِكَ.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ، أَوْ قَبْلَ دُخُولِكِ الدَّارَ. فَقَالَ الْقَاضِي: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ، سَوَاءٌ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدَمْ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} [النساء: ٤٧] وَلَمْ يُوجَدْ الطَّمْسُ فِي الْمَأْمُورِينَ. وَلَوْ قَالَ لِغُلَامِهِ: اسْقِنِي قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَكَ. فَسَقَاهُ فِي الْحَالِ، عُدَّ مُمْتَثِلًا وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْهُ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قُبَيْلَ مَوْتِي، أَوْ قُبَيْلَ قُدُومِ زَيْدٍ. لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي يَلِي الْمَوْتَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَصْغِيرٌ يَقْتَضِي الْجُزْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي يَبْقَى.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِشَهْرٍ. فَقَالَ الْقَاضِي: تَتَعَلَّقُ الصِّفَةُ بِأَوَّلِهِمَا مَوْتًا؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ بِالثَّانِي يُفْضِي إلَى وُقُوعِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ، وَاعْتِبَارُهُ بِالْأَوَّلِ لَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ فَكَانَ أَوْلَى.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ لَهَا إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ]

(٥٩٢٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لَهَا: إذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَإِذَا طَلَّقَهَا لَزِمَهُ اثْنَتَانِ، إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: إذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَأُخْرَى بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ تَطْلِيقَهَا شَرْطًا لِوُقُوعِ طَلَاقِهَا، فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الطَّلَاقُ. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، بَانَتْ بِالْأُولَى، وَلَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا تُمْكِنُ رَجْعَتُهَا، فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهَا إلَّا بَائِنًا، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِبَائِنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>