للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثَةِ ثَلَاثٌ، فَيَعْتِقُ بِذَلِكَ تِسْعَةٌ، وَفِيهَا صِفَةُ التَّثْنِيَةِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، هِيَ مَعَ الْأُولَى اثْنَتَانِ، وَهِيَ مَعَ الثَّانِيَةِ اثْنَتَانِ، وَهِيَ مَعَ الثَّالِثَةِ اثْنَتَانِ، فَيَعْتِقُ بِذَلِكَ سِتَّةٌ، وَيَصِيرُ الْجَمِيعُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَمَا نَعْلَمُ بِهَذَا قَائِلًا.

وَهَذَا مَعَ الْإِطْلَاقِ. فَأَمَّا إنْ نَوَى بِلَفْظِهِ غَيْرَ مَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ، مِثْلُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ: اثْنَتَيْنِ. غَيْرَ الْوَاحِدَةِ، فَيَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَاهُ، وَمَتَى لَمْ يُعَيِّنْ الْعَبِيدَ الْمُعْتَقِينَ، أُخْرِجُوا بِالْقُرْعَةِ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي فَامْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ، وَكُلَّمَا أَعْتَقْت اثْنَيْنِ فَامْرَأَتَانِ طَالِقَتَانِ. ثُمَّ أَعْتَقَ اثْنَيْنِ، طَلَقَ الْأَرْبَعُ، عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، يَطْلُقُ ثَلَاثٌ، وَيَخْرُجْنَ بِالْقُرْعَةِ. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي فَجَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيَّ حُرَّةٌ، وَكُلَّمَا أَعْتَقْت اثْنَيْنِ فَجَارِيَتَانِ حُرَّتَانِ، وَكُلَّمَا أَعْتَقْت ثَلَاثَةً فَثَلَاثٌ أَحْرَارٌ، وَكُلَّمَا أَعْتَقْت أَرْبَعَةً فَأَرْبَعٌ أَحْرَارٌ، ثُمَّ أَعْتَقَ أَرْبَعَةً، عَتَقَ مِنْ جَوَارِيهِ بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ أَعْتَقَ خَمْسًا فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، يَعْتِقُ مِنْ جَوَارِيهِ هَاهُنَا خَمْسَ عَشْرَةَ. وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، يَعْتِقُ إحْدَى وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْخَامِسِ عَتَقَ بِهِ سِتٌّ، لِكَوْنِهِ وَاحِدًا، وَهُوَ مَعَ مَا قَبْلَهُ خَمْسَةٌ، وَلَمْ يُمْكِنْ عَدُّهُ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ، لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ قَدْ عُدَّ فِي ذَلِكَ مَرَّةً، فَلَا يُعَدُّ ثَانِيَةً.

[قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى مَاتَ أَوْ مَاتَتْ]

(٥٩٤٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى مَاتَ أَوْ مَاتَتْ، وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهَا فِي آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ حَرْفَ " إنْ " مَوْضُوعٌ لِلشَّرْطِ، لَا يَقْتَضِي زَمَنًا، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ بِهِ مِنْ ضَرُورَتِهِ الزَّمَانُ، وَمَا حَصَلَ ضَرُورَةً لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَقْتَضِي تَعْجِيلًا، فَمَا عُلِّقَ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ. فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا، كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَمْ يَحْنَثْ بِتَأْخِيرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَفُتْ الْوَقْتُ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَلِمْنَا حِنْثَهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيقَاعُ الطَّلَاقِ بِهَا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ، إذْ لَمْ يَبْقَ مِنْ حَيَاتِهِ مَا يَتَّسِعُ لِتَطْلِيقِهَا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا.

وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْ عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ. فَأَيُّ الثَّلَاثَةِ مَاتَ أَوَّلًا، وَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ تَطْلِيقَهُ لِحَفْصَةَ عَلَى وَجْهٍ تَنْحَلُّ بِهِ يَمِينُهُ، إنَّمَا يَكُونُ فِي حَيَاتِهِمْ جَمِيعًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَعْتِقْ عَبْدِي، أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ. وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَوَّلِهِمْ مَوْتًا. فَأَمَّا إنْ عَيَّنَ وَقْتًا بِلَفْظِهِ، أَوْ بِنِيَّتِهِ، تَعَيَّنَ، وَتَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِهِ. قَالَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَضْرِبْ فُلَانًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. فَهُوَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>