للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ حَيْضَةً وَاحِدَةً مِنْ امْرَأَتَيْنِ مُحَالٌ، فَيَبْقَى كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ.

وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ، لَا تَنْعَقِدُ هَذِهِ الصِّفَةُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحِيلَةٌ، فَتَصِيرُ كَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْمُسْتَحِيلَاتِ. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِيهِ تَصْحِيحَ كَلَامِ الْمُكَلَّفِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَحْمَلٍ سَائِغٍ، وَتَبْعِيد لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَالْيَقِينُ بَقَاءُ النِّكَاحِ، فَلَا يَزُولُ حَتَّى يُوجَدَ مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ يَقِينًا، وَغَيْرُ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْيَقِينُ. فَإِنْ أَرَادَ بِكَلَامِهِ أَحَدَ هَذِهِ الْوُجُوهِ، حُمِلَ عَلَيْهِ، وَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ، قُبِلَ مِنْهُ. وَإِذَا قَالَ: أَرَدْت أَنْ تَكُونَ الْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُمَا، فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ بِمُسْتَحِيلِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْغُوَ قَوْلُهُ: حَيْضَةً. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لَا تُوجَدُ، فَلَا يُوجَدُ مَا عُلِّقَ عَلَيْهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ، وَيَلْغُوَ الشَّرْطُ، بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ.

[فَصْلٌ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ]

فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ: أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا، فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ. وَقَيَّدَهُ بِوَقْتٍ، فَمَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يَطَأْهُنَّ، طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ ضَرَائِرَ غَيْرَ مَوْطُوءَاتٍ. وَإِنْ وَطِئَ ثَلَاثًا وَتَرَكَ وَاحِدَةً، لَمْ تَطْلُقْ الْمَتْرُوكَةُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهَا ضَرَّةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ، وَتَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَوْطُوآت طَلْقَةً طَلْقَةً. وَإِنْ وَطِئَ اثْنَتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ، وَطَلُقَتْ الْمَتْرُوكَتَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً. وَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَطَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَتْرُوكَات طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِوَقْتٍ، كَانَ وَقْتُ الطَّلَاقِ مُقَيَّدًا بِعُمْرِهِ وَعُمْرِهِنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ مَاتَتْ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ ضَرَائِرِهَا طَلْقَةً طَلْقَةً، وَإِذَا مَاتَتْ أُخْرَى فَكَذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ هُوَ طَلُقْنَ كُلُّهُنَّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ.

[فَصْلٌ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا]

(٥٩٦٤) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا، طَلُقَتْ. وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْيَمِينِ، أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَمْ يَكُنْ يَطَؤُهَا، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِذَلِكَ الْوَلَدِ. وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعُ سِنِينَ وَلَمْ تَلِدْ، تَبَيَّنَّا أَنَّهَا طَلُقَتْ حِين عَقْدِ الْيَمِينِ. وَإِنْ كَانَ يَطَؤُهَا، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، نَظَرْت؛ فَإِنْ ظَهَرَتْ عَلَامَاتُ الْحَمْلِ، مِنْ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ، قَبْلَ وَطْئِهِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي، لَمْ تَطْلُقْ. وَإِنْ حَاضَتْ أَوْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى بَرَاءَتهَا مِنْ الْحَمْلِ طَلُقَتْ.

وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّانِي، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ قَبْلَ الْوَطْءِ. وَالثَّانِي، لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، فَلَا يَزُولُ بِشَكٍّ وَاحْتِمَالٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ هَاهُنَا بِحَيْضَةٍ، فَإِنْ وُجِدَتْ الْحَيْضَةُ عَلَى عَادَتِهَا، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ طَلَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ تَأْتِ فِي عَادَتِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>