للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ]

(٦٠٠٧) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ. فَكَذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَقَعُ بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا شَيْءٌ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَقَعُ طَلْقَتَانِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَالَ وُقُوعُ الطَّلْقَةِ الْأُخْرَى قَبْلَ الطَّلْقَةِ الْمُوَقَّعَةِ، فَوَقَعَتْ مَعَهَا، لِأَنَّهَا لَمَّا تَأَخَّرَتْ عَنْ الزَّمَنِ الَّذِي قَصْدَ إيقَاعَهَا فِيهِ لِكَوْنِهِ زَمَنًا مَاضِيًا، وَجَبَ إيقَاعُهَا فِي أَقْرَبِ الْأَزْمِنَةِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَعَهَا، وَلَا يَلْزَمُ تَأَخُّرُهَا إلَى مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ زَمَنٌ يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِ، وَهُوَ زَمَنٌ قَرِيبٌ، فَلَا يُؤَخَّرُ إلَى الْبَعِيدِ مَعَ إمْكَانِ الْقَرِيبِ.

وَلَنَا، أَنَّ هَذَا طَلَاقٌ بَعْضُهُ قَبْلَ بَعْضٍ، فَلَمْ يَقَعْ بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا جَمِيعُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ. وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقَعَ الْمُتَأَخِّرُ فِي لَفْظِهِ مُتَقَدِّمًا، كَمَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ. أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً غَدًا، وَطَلْقَةً الْيَوْمَ. وَلَوْ قَالَ: جَاءَ زَيْدٌ بَعْد عَمْرٍو. أَوْ: جَاءَ زَيْدٌ وَقَبْلَهُ عَمْرٌو. أَوْ: أُعْطِ زَيْدًا بَعْدَ عَمْرٍو. وَكَانَ كَلَامًا صَحِيحًا، يُفِيدُ تَأْخِيرَ الْمُتَقَدِّمِ لَفْظًا، عَنْ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ هَذَا طَلَاقًا فِي زَمَنٍ مَاضٍ، وَإِنَّمَا يَقَعُ إيقَاعُهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ مُرَتَّبًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي رَتَّبَهُ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مُوَقَّعَةٌ فِي زَمَنٍ مَاضٍ، لَامْتَنَعَ وُقُوعُهَا وَحْدَهَا، وَوَقَعْت الْأُخْرَى وَحْدَهَا، وَهَذَا تَعْلِيلُ الْقَاضِي، لِكَوْنِهِ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَالْأَوَّلُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَصَحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ]

(٦٠٠٨) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ. وَقَعَ بِهَا طَلْقَتَانِ. وَإِنْ قَالَ: مَعَهَا اثْنَتَانِ. وَقَعَ بِهَا ثَلَاثٌ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَقَعُ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ إذَا وَقَعَتْ مُفْرَدَةً، لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا شَيْءٌ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَوْقَعَ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ، بِلَفْظِ يَقْتَضِي وُقُوعَهُنَّ مَعًا، فَوَقَعْنَ كُلُّهُنَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطَّلْقَةَ تَقَعُ مُفْرَدَةً، فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِمُجَرَّدِ التَّلَفُّظِ بِهِ، إذْ لَوْ وَقَعَ بِذَلِكَ، لَمَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، وَلَا صَحَّ وَصْفُهُ بِالثَّلَاثِ، وَلَا بِغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ قَالَ: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ مَعَهَا طَلْقَةٌ. ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. فَإِنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنِّي أُوقِعُ بَعْدَهَا طَلْقَةً]

فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ. ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت أَنِّي أُوقِعُ بَعْدَهَا طَلْقَةً. دِينَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ. وَقَالَ: أَرَدْت أَنِّي طَلَّقْتهَا قَبْلَ هَذَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>