للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ الْحَسَنُ: تَرِثُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ ظَاهِرًا وَلَنَا أَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَلَمْ تَرِثْهُ كَسَائِرِ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: تَهْرُبُ مِنْهُ وَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى يُظْهِرَ طَلَاقَهَا وَتَعْلَمَ ذَلِكَ يَجِيءُ فَيَدَّعِيهَا فَتُرَدُّ عَلَيْهِ وَتُعَاقَبُ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُقِرَّ بِطَلَاقِهَا لَا تَرِثُهُ لَا تَأْخُذُ مَا لَيْسَ لَهَا تَفِرُّ مِنْهُ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ وَلَكِنْ تَخْتَفِي فِي بَلَدِهَا قِيلَ لَهُ: فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ: تَقْتُلُهُ هِيَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ

فَمَنَعَهَا مِنْ التَّزْوِيجِ قَبْلَ ثُبُوتِ طَلَاقِهَا لِأَنَّهَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ زَوْجَةُ هَذَا الْمُطَلِّقِ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَجَبَ عَلَيْهَا فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ الْعُقُوبَةُ وَالرَّدُّ إلَى الْأَوَّلِ وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا زَوْجَانِ هَذَا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَذَاكَ بِبَاطِنِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُقَوِّي التُّهْمَةَ فِي نُشُوزِهَا وَلِأَنَّ فِي قَتْلِهِ قَصْدًا؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَقْتُلُ قَصْدًا فَأَمَّا إنْ قَصَدَتْ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهَا فَآلَ إلَى نَفْسِهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهَا وَلَا ضَمَانَ فِي الْبَاطِنِ فَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ، فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ بِحُكْمِ الْقَتْلِ مَا لَمْ يَثْبُتْ صِدْقُهَا.

[فَصْلٌ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ وَطِئَهَا]

(٦٠٥٤) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ وَطِئَهَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ إنَّمَا أَوْجَبَهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِالطَّلَاقِ أَجْنَبِيَّةً فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَجْنَبِيَّاتِ بَلْ هِيَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَطْئًا وَنِكَاحًا، فَإِنْ جَحَدَ طَلَاقَهَا وَوَطِئَهَا ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِطَلَاقِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَرَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ جَحَدَهُ لِطَلَاقِهِ يُوهِمُنَا أَنَّهُ نَسِيَهُ وَذَلِكَ شُبْهَةٌ فِي دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ وَلَا سَبِيلَ لَنَا إلَى عِلْمِ مَعْرِفَتِهِ بِالطَّلَاقِ حَالَةَ وَطْئِهِ إلَّا بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: وَطِئْتهَا عَالِمًا بِأَنَّنِي كُنْت طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالزِّنَى فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى.

[مَسْأَلَةٌ الْمُطَلِّقُ إذَا بَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ]

(٦٠٥٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَقَضَتْ الْعِدَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ثُمَّ أَصَابَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَقَضَتْ الْعِدَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلِّقَ إذَا بَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ؛ أَحَدُهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ وَيُصِيبَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فَهَذِهِ تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>