للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي أَنْ يُطَلِّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَعُودَ إلَيْهِ بِرَجْعَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ جَدِيدٍ قَبْلَ زَوْجٍ ثَانٍ فَهَذِهِ تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَالثَّالِثُ طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ فَقَضَتْ عِدَّتَهَا ثُمَّ نَكَحَتْ غَيْرَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا

وَهَذَا قَوْلُ الْأَكَابِرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيٍّ وَمُعَاذٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُبَيْدَةُ وَالْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَشُرَيْحٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ الثَّانِي مُثْبِتٌ لِلْحِلِّ فَيُثْبِتُ حِلًّا يَتَّسِعُ لِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ كَمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي يَهْدِمُ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثَ فَأَوْلَى أَنْ يَهْدِمَ مَا دُونَهَا

وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الثَّانِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْإِحْلَالِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَلَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الطَّلَاقِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّهُ تَزْوِيجٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّلَاثِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَجَعَتْ إلَيْهِ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي وَقَوْلُهُمْ: إنَّ وَطْءَ الثَّانِي يُثْبِتُ الْحِلَّ لَا يَصِحُّ؛ لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: مَنْعُ كَوْنِهِ مُثْبِتًا لِلْحِلِّ أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ غَايَةُ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] وَحَتَّى لِلْغَايَةِ، وَإِنَّمَا سَمَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّوْجَ الَّذِي قَصَدَ الْحِيلَةَ مُحَلِّلًا تَجَوُّزًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَعَنَهُ وَمَنْ أَثْبَتَ حَلَالًا يَسْتَحِقُّ لَعْنًا، وَالثَّانِي أَنَّ الْحِلَّ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي مَحَلٍّ فِيهِ تَحْرِيمٌ وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَهَاهُنَا هِيَ حَلَالٌ لَهُ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حِلٌّ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَهْدِمُ الطَّلَاقَ قُلْنَا: بَلْ هُوَ غَايَةٌ لِتَحْرِيمِهِ وَمَا دُونَ الثَّلَاثِ لَا تَحْرِيمَ فِيهَا فَلَا يَكُونُ غَايَةً لَهُ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْمُطَلِّقُ عَبْدًا وَكَانَ طَلَاقُهُ اثْنَتَيْنِ]

(٦٠٥٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا كَانَ الْمُطَلِّقُ عَبْدًا وَكَانَ طَلَاقُهُ اثْنَتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ زَوْجَتُهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ مَمْلُوكَةً؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا؛ فَطَلَاقُهُ ثَلَاثٌ حُرَّةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَةً وَإِنْ كَانَ عَبْدًا؛ فَطَلَاقُهُ اثْنَتَانِ حُرَّةً كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَةً فَإِذَا طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا

<<  <  ج: ص:  >  >>