للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّنْ لَهُمْ عُرْفٌ فِي هَذَا اللَّفْظِ أَوَّلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ مِمَّنْ عُرْفُهُمْ أَنَّ " فِي " هَاهُنَا بِمَعْنَى " مَعَ " وَقَعَ بِهِ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِمْ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ إرَادَتُهُ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِهِ فَإِنْ نَوَى مُوجَبَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَلْزَمُهُ مُقْتَضَاهُ كَالْعَرَبِيِّ يَنْطِقُ بِالطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مُوجَبَهُ فَلَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَصْدُ مَا لَا يَعْرِفُهُ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ]

(٦٠٦٥) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يَقَعُ ثَلَاثًا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ إيقَاعٌ فَلَا يَجُوزُ إيقَاعُ الْوَاحِدَةِ مَرَّتَيْنِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَوْقَعَهَا ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَهَا وَأَوْقَعَ اثْنَتَيْنِ آخِرَتَيْنِ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَنَا أَنَّ مَا لَفَظَ بِهِ قَبْلَ الْإِضْرَابِ بَعْضُ مَا لَفَظَ بِهِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِمَّا بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ وَقَوْلُهُمْ: لَا يَجُوزُ إيقَاعُ مَا أَوْقَعَهُ قُلْنَا: يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ بِوُقُوعِهِ مَعَ وُقُوعِ غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ الزَّائِدُ بِالشَّكِّ قَالَ أَحْمَدُ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ: هِيَ وَاحِدَةٌ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ

وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ رَفْعَ الْأُولَى وَإِيقَاعَ الثَّانِيَةِ فَلَمْ تَرْتَفِعْ الْأُولَى وَوَقَعَتْ الثَّانِيَةُ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ كَذَا هَاهُنَا فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ: بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أُخْرَى وَقَعَ اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إيقَاعَ طَلْقَتَيْنِ بِلَفْظَيْنِ فَوَقَعَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا آخَرَ؛ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِوَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ اثْنَتَيْنِ قَالَ أَحْمَدُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتَا جَمِيعًا

وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَوْقَعَ طَلَاقَ الْأُولَى ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْهُ وَأَوْقَعَ طَلَاقَ الْأُخْرَى فَوَقَعَ بِهَا وَلَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ الْأُولَى وَفَارَقَ مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الثَّانِيَةَ كَرَّرَ الْإِخْبَارَ بِهَا وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَرْأَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ طَلَاقُ إحْدَاهُمَا هُوَ طَلَاقَ الْأُخْرَى وَنَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَاهُ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ هَذِهِ ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْأُولَى وَاحِدَةٌ وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثًا

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ الْأُولَى فَلَمْ يَقَعْ بِهَا مَا بَعْدَهَا وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَنَوَى تَعْلِيقَ الْجَمِيعِ بِدُخُولِ الدَّارِ تَعَلَّقَ، وَإِنْ نَوَى تَعْلِيقَ الثَّلَاثِ حَسْبُ، وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ فِي الْحَالِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَفِيهِ وَجْهَانِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>