للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَهَا، فَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، فَلَا يُقْبَلُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

[فَصْل اخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ فَقَالَ قَدْ أَصَبْتُك فَلَّى رَجْعَتُك فَأَنْكَرَتْهُ]

(٦٠٩٢) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ فَقَالَ: قَدْ أَصَبْتُك، فَلِي رَجْعَتُك. فَأَنْكَرَتْهُ، أَوْ قَالَتْ: قَدْ أَصَابَنِي، فَلِي الْمَهْرُ كَامِلًا. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، فَلَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْإِصَابَةَ، فَهُوَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِبَيْنُونَتِهَا، وَأَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا. وَإِنْ أَنْكَرَتْهَا هِيَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا نِصْفَ الْمَهْرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إنْ أَنْكَرَتْهَا، فَهِيَ مُقِرَّةٌ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا نِصْفَ الْمَهْرِ، وَإِنْ أَنْكَرَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. هَذَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُوضٍ، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ قَبْضِهَا لَهُ وَادَّعَى إصَابَتَهَا فَأَنْكَرَتْهُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ لَهَا بِهِ وَلَا يَدَّعِيهِ. وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُنْكِرَ، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ قَبِلْتُمْ قَوْلَ الْمُولِي وَالْعِنِّينِ فِي الْإِصَابَةِ، وَلَمْ تَقْبَلُوهُ هَاهُنَا؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْمُولِيَ وَالْعِنِّينَ يَدَّعِيَانِ مَا يُبْقِي النِّكَاحَ عَلَى الصِّحَّةِ، وَيَمْنَعُ فَسْخَهُ، وَالْأَصْلُ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَسَلَامَتُهُ، فَكَانَ قَوْلُهُمَا مُوَافِقًا لِلْأَصْلِ، فَقُبِلَ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ وَقَعَ مَا يَرْفَعُ النِّكَاحَ وَيُزِيلُهُ، وَهُوَ مَا وَالَى بَيْنُونَةً، وَقَدْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَيُثْبِتُ لَهُ الرَّجْعَةَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، فَكَانَ قَوْلُهُ مُخَالِفًا لِلْأَصْلِ، فَلَمْ يُقْبَلْ، وَلِأَنَّ الْمُولِيَ وَالْعِنِّينَ يَدَّعِيَانِ الْإِصَابَةَ فِي مَوْضِعٍ تَحَقَّقَتْ فِيهِ الْخَلْوَةُ وَالتَّمْكِينُ مِنْ الْوَطْءِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَمَا اسْتَحَقَّتَا الْفَسْخَ بِعَدَمِ الْوَطْءِ، فَكَانَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ تَتَحَقَّقْ خَلْوَةٌ وَلَا تَمْكِينٌ، لِأَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ لَوَجَبَ الْمَهْرُ كَامِلًا، فَكَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَمْرٍ ظَاهِرٍ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، فَلَمْ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ مُدَّعِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَهَلْ يُشْرَعُ الْيَمِينُ فِي حَقِّ مَنْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ هَاهُنَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

[فَصْل وَالْخَلْوَةُ كَالْإِصَابَةِ فِي إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي خَلَا بِهَا]

(٦٠٩٣) فَصْلٌ: وَالْخَلْوَةُ كَالْإِصَابَةِ، فِي إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي خَلَا بِهَا، فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ؛ لِقَوْلِهِ: حُكْمُهَا حُكْمُ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فِي الْقَدِيمِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُصِيبَهَا. وَبِهِ قَالَ النُّعْمَانُ، وَصَاحِبَاهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُصَابَةٍ، فَلَا تَسْتَحِقُّ رَجْعَتَهَا، كَغَيْرِ الَّتِي خَلَا بِهَا. وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] /إلَى قَوْلِهِ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨] . وَلِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ لَا عِوَضَ فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>