للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَهْرُ، وَلَا يَلْحَقُهُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ مَحْدُودٌ. وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْعَالِمَةَ دُونَهُ، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَحْدَهَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَالنَّسَبُ لَاحِقٌ بِالزَّوْجِ، لِأَنَّ وَطْأَهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ.

[فَصْل قَالَ إنَّ وَطِئْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي]

(٦١٤٢) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك، فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. وَهَذَا نَصٌّ فِي تَحْرِيمِهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا أَعْظَمُ تَحْرِيمًا مِنْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا. وَإِذَا وَطِئَ هَاهُنَا، فَقَدْ صَارَ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ، وَزَالَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا أَرَادَ، إذَا وَطِئَهَا مَرَّةً، فَلَا يَطَأَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِكَوْنِهِ صَارَ بِالْوَطْءِ مُظَاهِرًا، إذْ لَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ. وَلَوْ كَفَّرَ قَبْلَ الظِّهَارِ لَمْ يُجْزِئْهُ.

وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ، قَالَ: قُلْت لِأَحْمَدَ، فِي مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنَّ قَرُبْتُك إلَى سَنَةٍ. قَالَ: إنْ جَاءَتْ تَطْلُبُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْضُلَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَفِيءَ، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ. فَإِنْ وَطِئَهَا، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ أَبَى، وَأَرَادَتْ مُفَارَقَتَهُ، طَلَّقَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. فَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْوَطْءِ الَّذِي صَارَ بِهِ مُظَاهِرًا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَتَكُونُ الرِّوَايَتَانِ مُتَّفِقَتَيْنِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ شَيْءٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ الْمُظَاهِرِ]

(٦١٤٣) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (أَوْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ إحْرَامٍ، أَوْ شَيْءٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ، فَيَقُولُ: مَتَى قَدَرْت جَامَعْتهَا. فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فَيْئَةً لِلْعُذْرِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَبِالْمُولِي عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ حَبْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ غَيْرِهِ، لَزِمَهُ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ، فَيَقُولَ: مَتَى قَدَرْت جَامَعْتُهَا. وَنَحْوَ هَذَا. وَمِمَّنْ قَالَ: يَفِيءُ بِلِسَانِهِ إذَا كَانَ ذَا عُذْرٍ. ابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا يَكُونُ الْفَيْءُ إلَّا بِالْجِمَاعِ، فِي حَالِ الْعُذْر وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ، لَمْ يُوقَفْ حَتَّى يَصِحَّ، أَوْ يَصِلَ إنْ كَانَ غَائِبًا، وَلَا تَلْزَمُهُ الْفَيْئَةُ بِلِسَانِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ بِتَرْكِ الْوَطْءِ لَا يَزُولُ بِالْقَوْلِ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: قَدْ نَدِمْت عَلَى مَا فَعَلْت، إنْ قَدَرْت وَطِئْت. وَلَنَا أَنَّ الْقَصْدَ بِالْفَيْئَةِ تَرْكُ مَا قَصَدَهُ مِنْ الْإِضْرَارِ، وَقَدْ تَرَكَ قَصْدَ الْإِضْرَارِ بِمَا أَتَى بِهِ مِنْ الِاعْتِذَارِ، وَالْقَوْلُ مَعَ الْعُذْرِ يَقُومُ مَقَامَ فِعْلِ الْقَادِرِ، بِدَلِيلِ أَنَّ إشْهَادَ الشَّفِيعِ عَلَى الطَّلَبِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ طَلَبِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>