للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطِئَهَا. وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا، أَنَّ حُكْمَ الْيَمِينِ بَاقٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ فَيَبْقَى الْإِيلَاءُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ، بِخِلَافِ الْفَيْئَةِ، فَإِنَّهَا تَرْفَعُ الْيَمِينَ، لِحُصُولِ الْحِنْثِ فِيهَا.

[مَسْأَلَة وَقَفْنَاهُ بَعْدَ الْأَرْبَعَة أَشْهُرٍ فَقَالَ قَدْ أَصَبْتهَا فِي الْإِيلَاء]

(٦١٥٤) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَوْ وَقَفْنَاهُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ: قَدْ أَصَبْتهَا. فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ) وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي مَا يَلْزَمُهُ بِهِ رَفْعُهُ، وَهُوَ يَدَّعِي مَا يُوَافِقُ الْأَصْلَ، وَيُبْقِيهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. كَمَا لَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ فِي الْعُنَّةِ، وَلِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَفِيٌّ وَلَا يُعْلَمْ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ، كَقَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي حَيْضِهَا. وَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ مَا تَدَّعِيهِ الْمَرْأَةُ مُحْتَمِلٌ، فَوَجَبَ نَفْيُهُ بِالْيَمِينِ. وَنَصَّ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَاخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ، أُرِيَتْ النِّسَاءُ الثِّقَاتُ، فَإِنْ شَهِدْنَ بِثُيُوبَتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ شَهِدْنَ بِبَكَارَتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا.

وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ لَا يَمِينَ هَاهُنَا؛ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْعِنِّينِ: فَإِنْ شَهِدْنَ بِمَا قَالَتْ، أُجِّلَ سَنَةً. وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينَهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ لَهَا، فَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ مَعَهَا. (٦١٥٥) فَصْلٌ: وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، فَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهَا، وَكَذَّبَتْهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، فَنَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الْإِصَابَةِ فِي الْإِيلَاءِ، وَلَا نَقْبَلُهُ فِي إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لَهُ، وَقَدْ سَبَقَ تَعْلِيلُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الرَّجْعَةِ.

[مَسْأَلَة قَالَ آلَى مِنْهَا فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ ثُمَّ نَكَحَهَا]

(٦١٥٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَوْ آلَى مِنْهَا، فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ؛ ثُمَّ نَكَحَهَا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وُقِفَ لَهَا، كَمَا وَصَفْتُ) وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُولِيَ إذَا أَبَانَ زَوْجَتَهُ، انْقَطَعَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ سَوَاءٌ بَانَتْ بِفَسْخٍ، أَوْ طَلَاقٍ ثَلَاثٍ، أَوْ بِخُلْعٍ، أَوْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ نِكَاحِهَا. فَإِنْ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ مِنْ حِينَ تَزَوَّجَهَا، وَاسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ يَمِينِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَ، لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، تَرَبَّصَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ وُقِفَ لَهَا، فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ، أَوْ يُطَلِّقَ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ.

وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ الطَّلَاقُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا، عَادَ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ اسْتَوْفَى عَدَدَ الطَّلَاقِ، لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ زَالَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلِهَذَا تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى طَلَاقٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>