للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] وَقَوْلِهِ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: ٢٠] . وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَسَائِرَ الْقُرْآنِ سَوَاءٌ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ، فَكَذَا فِي الصَّلَاةِ.

وَلَنَا مَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ، فَكَانَتْ مُعَيَّنَةً كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَأَمَّا خَبَرُهُمْ، فَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ» ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى الْفَاتِحَةِ، وَمَا تَيَسَّرَ مَعَهَا، مِمَّا زَادَ عَلَيْهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ. وَأَمَّا الْآيَةُ، فَتَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَاتِحَةَ وَمَا تَيَسَّرَ مَعَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَاتِحَةِ، لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَأْمُورٌ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَنَسَخَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِهَا، وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِهِ، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ كَانَ مُسِيئًا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ السُّوَرِ.

[مَسْأَلَة قِرَاءَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاة]

(٦٦٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَبْتَدِئُهَا بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَةَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) . مَشْرُوعَةٌ فِي الصَّلَاةِ، فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ، وَأَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَقْرَؤُهَا فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ؛ لِحَدِيثِ أَنَسٍ. وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، مُحْدَثٌ؟ إيَّاكَ وَالْحَدَثَ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَبْغَضَ إلَيْهِ الْحَدَثُ فِي الْإِسْلَامِ - يَعْنِي مِنْهُ. فَإِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقُولُهَا، فَلَا تَقُلْهَا، إذَا صَلَّيْتَ فَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَقَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» . وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَعَدَّهَا آيَةً، وَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] اثْنَيْنِ» . فَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ. ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ يُسْمَعُ مِنْهُمْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ.

وَرَوَى شُعْبَةُ، وَشَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ «صَلَّيْت خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» . وَفِي لَفْظٍ: فَكُلُّهُمْ يُخْفِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَفِي لَفْظٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُسِرُّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا أَيْضًا، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>