للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ الْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَكَمُ: يُجْلَدُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَيْسَ هَذَانِ بِزَوْجَيْنِ، وَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْ أَجْنَبِيَّةً. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] . وَهَذَا قَدْ رَمَى زَوْجَتَهُ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُوم الْآيَةِ، وَإِذَا لَمْ يُلَاعِنْ وَجَبَ الْحَدُّ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] . وَلِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِزَوْجَتِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ، كَمَا لَوْ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ إلَى حَالَةِ اللِّعَانِ.

[فَصْلٌ قَالَتْ قَذَفَنِي قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي وَقَالَ بَلْ بَعْدَهُ]

(٦٢٤٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَتْ: قَذَفَنِي قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي. وَقَالَ: بَلْ بَعْدَهُ. أَوْ قَالَتْ: قَذَفَنِي بَعْدَ مَا بِنْتُ مِنْهُ. وَقَالَ: بَلْ قَبْلَهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْقَذْفِ، فَكَذَلِكَ فِي وَقْتِهِ. وَإِنْ قَالَتْ أَجْنَبِيَّةٌ: قَذَفَنِي. فَقَالَ: كُنْت زَوْجَتِي حِينَئِذٍ. فَأَنْكَرَتْ الزَّوْجِيَّةَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا.

[فَصْلٌ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا]

(٦٢٤٧) فَصْلٌ: وَلَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَا يُلَاعِنُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ فِي حَالِ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً، فَلَمْ يَمْلِكْ اللِّعَانَ مِنْ أَجْلِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا. وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ تَزَوُّجِهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ، حُدَّ، وَلَمْ يُلَاعِنْ، سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] . وَلِأَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَذَفَهَا وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ. وَحَكَى الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى كَذَلِكَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَلَدٌ، لَمْ يُلَاعِنْ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ.

وَلَنَا أَنَّهُ قَذَفَهَا قَذْفًا مُضَافًا إلَى حَالِ الْبَيْنُونَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَذَفَهَا وَهِيَ بَائِنٌ، وَفَارَقَ قَذْفَ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَنَّهَا غَاظَتْهُ وَخَانَتْهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى نَفْيِهِ، وَهَاهُنَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ زِنَاهَا، فَهُوَ الْمُفَرِّطُ فِي نِكَاحِ حَامِلٍ مِنْ الزِّنَا، فَلَا يُشْرَعُ لَهُ طَرِيقٌ إلَى نَفْيِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>