للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهَا عَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَالْأَوْلَادُ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى فِرَاشِهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمَالِكٍ، وَأَهْلِ الْحِجَازِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ، قَالَ: الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ، لِأَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، وَنِكَاحُ الثَّانِي غَيْرُ ثَابِتٍ، فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ. وَلَنَا أَنَّ الثَّانِي انْفَرَدَ بِوَطْئِهَا فِي نِكَاحٍ يَلْحَقُ النَّسَبُ فِي مِثْلِهِ، فَكَانَ الْوَلَدُ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، كَوَلَدِ الْأَمَةِ مِنْ زَوْجِهَا يَلْحَقُهُ دُونَ سَيِّدِهَا، وَفَارَقَ الْأَجْنَبِيَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِكَاحٌ.

[فَصْل وَطِئَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَا زَوْجَ لَهَا بِشُبْهَةٍ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ]

(٦٢٨١) فَصْلٌ: وَإِنْ وَطِئَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَا زَوْجَ لَهَا بِشُبْهَةٍ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَجَدْت بِخَطِّ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَلْحَقُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ فَاسِدٍ، أَوْ مِلْكٍ، أَوْ شُبْهَةٍ مِلْكٍ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا يَسْتَنِدُ إلَى عَقْدٍ، فَلَمْ يَلْحَقْ الْوَلَدُ فِيهِ بِالْوَطْءِ، كَالزِّنَا. وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ. قَالَ أَحْمَدُ: كُلُّ مِنْ دَرَأْت عَنْهُ الْحَدَّ أَلْحَقْت بِهِ الْوَلَدَ. وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ اعْتَقَدَ الْوَاطِئُ حِلَّهُ، فَلَحِقَ بِهِ النَّسَبُ، كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَفَارَقَ وَطْءَ الزِّنَا، فَإِنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الْحِلَّ فِيهِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلَانِ أُخْتَيْنِ، فَغَلِطَ بِهِمَا عِنْدَ الدُّخُولِ، فَزُفَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَى زَوْجِ الْأُخْرَى، فَوَطِئَهَا، وَحَمَلَتْ مِنْهُ، لَحِقَ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، فَلَحِقَ بِهِ النَّسَبُ، كَالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْوَاطِئِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ. وَهَذَا الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ.

وَلَنَا أَنَّ الْوَاطِئَ انْفَرَدَ بِوَطْئِهَا فِيمَا يَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ، فَلَحِقَ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَكَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ عِنْدَ الْحُكْمِ بِوَفَاتِهِ ثُمَّ بَانَ حَيًّا، وَالْخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِهَذَا، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ. وَإِنْ وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ بِشُبْهَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، فَاعْتَزَلَهَا حَتَّى أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ، لَحِقَ الْوَاطِئَ، وَانْتَفَى عَنْ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ. وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَاطِئُ الْوَطْءَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَيَلْحَقُ نَسَبُ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِالْمُنْكِرِ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجِ فِي قَطْعِ نَسَبِ الْوَلَدِ. وَإِنْ أَتَتْ بِالْوَلَدِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ لَحِقَ الزَّوْجَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْوَاطِئِ.

وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي وَطْئِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>