للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل ارْتَابَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِأَنَّ تَرَى أَمَارَاتِ الْحَمْلِ]

(٦٣٢٨) فَصْلٌ وَإِذَا ارْتَابَتْ الْمُعْتَدَّةُ، وَمَعْنَاهُ أَنْ تَرَى أَمَارَاتِ الْحَمْلِ مِنْ حَرَكَةٍ أَوْ نَفْخَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَشَكَّتْ هَلْ هُوَ حَمْلٌ أَمْ لَا؟ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا، أَنْ تَحْدُثَ بِهَا الرِّيبَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنَّمَا تَبْقَى فِي حُكْمِ الِاعْتِدَادِ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ، فَإِنْ بَانَ حَمْلًا، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، فَإِنْ زَالَتْ وَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ، تَبَيَّنَّا أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ بِالْقُرُوءِ أَوْ الشُّهُورِ. فَإِنْ زُوِّجَتْ قَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَهِيَ فِي حُكْمِ الْمُعْتَدَّاتِ فِي الظَّاهِرِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ، أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

الثَّانِي: أَنْ تَظْهَرَ الرِّيبَةُ بَعْدَ قَضَاءِ عِدَّتِهَا وَالتَّزَوُّجِ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَعْدَ قَضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا، وَالْحَمْلُ مَعَ الرِّيبَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يَزُولُ بِهِ مَا حُكِمَ بِصِحَّتِهِ، لَكِنَّ، لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّنَا شَكَكْنَا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، ثُمَّ نَنْظُرُ؛ فَإِنْ وَضَعَتْ الْوَلَدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي وَوَطِئَهَا، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ نَكَحَهَا وَهِيَ حَامِلٌ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ، وَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ. الْحَالُ الثَّالِثُ، ظَهَرَتْ الرِّيبَةُ بَعْدَ قَضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ النِّكَاحِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا تَتَزَوَّجُ مَعَ الشَّكِّ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ وُجِدَتْ الرِّيبَةُ فِي الْعِدَّةِ، وَلِأَنَّنَا لَوْ صَحَّحْنَا النِّكَاحَ، لَوَقَعَ مَوْقُوفًا، وَلَا يَجُوزُ كَوْنُ النِّكَاحِ مَوْقُوفًا، وَلِهَذَا لَوْ أَسْلَمَ وَتَخَلَّفَتْ امْرَأَتُهُ فِي الشِّرْكِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إسْلَامِ الْأُولَى.

وَالثَّانِي، يَحِلُّ لَهَا النِّكَاحُ وَيَصِحُّ؛ لِأَنَّنَا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَحِلِّ النِّكَاحِ، وَسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، فَلَا يَجُوزُ زَوَالُ مَا حُكِمَ بِهِ بِالشَّكِّ الطَّارِئِ، وَلِهَذَا لَا يَنْقُضُ الْحَاكِمُ مَا حَكَمَ بِهِ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ وَرُجُوعِ الشُّهُودِ.

[فَصْل طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ لَا بِعَيْنِهَا]

فَصْلٌ: وَإِذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ لَا بِعَيْنِهَا، أُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ دُونَ غَيْرِهَا، وَتُحْسَبُ عِدَّتُهَا مِنْ حِينِ طَلَّقَ، لَا مِنْ حِينِ الْقُرْعَةِ. وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَأُنْسِيَهَا، فَفِي قَوْلِ أَصْحَابنَا، الْحُكْمُ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>