للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ عِدَّةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا]

(٦٣٦٣) فَصْلٌ: فِي عِدَّةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا. وَمَتَى كَانَتْ مُعْتَدَّةً بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْقُرُوءِ، فَعِدَّتُهَا كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْحَامِلِ لَا تَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ بِالْقُرُوءِ قُرْءَانِ، فَأَدْنَى مَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ يُوجِبُ قُرْءًا ثَالِثًا، لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ. وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً بِالشُّهُورِ؛ إمَّا لِلْوَفَاةِ، وَإِمَّا لِلْإِيَاسِ أَوْ الصِّغَرِ، فَعِدَّتُهَا بِالْحِسَابِ مِنْ عِدَّةِ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ، فَإِذَا كَانَ نِصْفُهَا حُرًّا، فَاعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ، فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَثَمَانِ لَيَالٍ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ يُحْسَبُ مَعَ النَّهَارِ، فَيَكُونُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً بِالشُّهُورِ عَنْ الطَّلَاقِ، وَقُلْنَا: إنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ شَهْرٌ وَنِصْفٌ. كَانَ عِدَّةُ الْمُعْتَقِ نِصْفُهَا شَهْرَيْنِ وَرُبْعًا. وَإِنْ قُلْنَا: عِدَّةُ الْأَمَةِ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. فَعِدَّةُ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ، سَوَاءً. وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرَةُ، وَالْمُكَاتَبَةُ، عِدَّتُهُنَّ كَعِدَّةِ الْأَمَةِ، سَوَاءً؛ لِأَنَّهُنَّ إمَاءٌ.

[مَسْأَلَة أُمُّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا]

(٦٣٦٤) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا، فَلَا تُنْكَحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً كَامِلَةً) هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَمَكْحُولٍ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي عِيَاضٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ: لَا تُفْسِدُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَّةُ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَلِأَنَّهَا حُرَّةٌ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ، فَكَانَتْ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، كَالزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ، رِوَايَةً ثَالِثَةً، أَنَّهَا تَعْتَدُّ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ. وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ، فِي (الْجَامِعِ) ، وَلَا أَظُنُّهَا صَحِيحَةً عَنْ أَحْمَدَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَقَتَادَةَ؛ وَلِأَنَّهَا حِينَ الْمَوْتِ أَمَةٌ، فَكَانَتْ عِدَّتُهَا عِدَّةَ الْأَمَةِ، كَمَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ، فَعَتَقَتْ بَعْد مَوْتِهِ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ تُسْتَبْرَأُ، فَكَانَ اسْتِبْرَاؤُهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ، كَالْحُرَّةِ الْمُطَلَّقَةِ وَلَنَا أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقَبَةِ، فَكَانَ حَيْضَةً فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ، كَسَائِرِ اسْتِبْرَاءِ الْمُعْتَقَاتِ وَالْمَمْلُوكَاتِ، وَلِأَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لِغَيْرِ الزَّوْجَاتِ وَالْمَوْطُوآت بِشُبْهَةٍ، فَأَشْبَهَ مَا ذَكَرْنَا.

قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] . مَا هُنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>