للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهَا وَهِيَ مِمَّنْ لَا يَطَؤُهَا، لَمْ يَلْزَمْهَا اسْتِبْرَاءٌ، وَقَدْ وُجِدَ الْوَطْءُ مِنْ اثْنَيْنِ، فَلَزِمَهَا حُكْمُ وَطْئِهِمَا، وَفِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ مُعَلَّلٌ بِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ لَا غَيْرُ، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي الِاسْتِبْرَاءُ، سَوَاءٌ كَانَ سَيِّدُهَا يَطَؤُهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَالْمِلْكُ وَاحِدٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَجَدَّدَ الِاسْتِبْرَاءُ.

[فَصْل اشْتَرَى الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ]

(٦٣٨٤) فَصْلٌ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا؛ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لَهُ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ مَائِهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ؛ لِيَعْلَمَ هَلْ الْوَلَدُ مِنْ النِّكَاحِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لَهُ، لِأَنَّهُ عَتَقَ بِمِلْكِهِ لَهُ، وَلَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ هُوَ حَادِثٌ فِي مِلْكِ يَمِينِهِ، فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ، وَتَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ؟ وَمَتَى تَبَيَّنَ حَمْلُهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ الْحَمْلُ، وَزَالَ الِاشْتِبَاهُ.

[فَصْلٌ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الَّتِي يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا]

(٦٣٨٥) فَصْلٌ: وَإِنْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الَّتِي يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، أَثِمَ، وَالِاسْتِبْرَاءُ بَاقٍ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ، فَلَا يَسْقُطُ بِعُدْوَانِهِ. فَإِنْ لَمْ تَعْلَقْ مِنْهُ، اسْتَبْرَأَهَا بِمَا كَانَ يَسْتَبْرِئُهَا بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَتَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ عَلِقَتْ مِنْهُ، فَمَتَى وَضَعَتْ حَمْلَهَا، اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ مِنْهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا. وَإِنْ وَطِئَهَا، وَهِيَ حَامِلٌ حَمْلًا كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، فَمَتَى وَضَعَتْ حَمْلَهَا انْقَضَى اسْتِبْرَاؤُهَا. قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا يَلْحَقُ بِالْمُشْتَرِي، وَلَا يَتْبَعُهُ، وَلَكِنْ يَعْتِقُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شَرِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «، أَنَّهُ مَرَّ بِامْرَأَةِ مُجِحٍّ، عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ، فَقَالَ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا. فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ، أَوْ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ» وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إنَّ اسْتَلْحَقَهُ وَشَرَكَهُ فِي مِيرَاثِهِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدِهِ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ مَمْلُوكًا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شَرَكَ فِيهِ، لِكَوْنِ الْوَطْءِ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَطْءِ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>